قبل أيام أطفأ رائد الحركة الفلكية الكويتية والخليجية العم صالح العجيري الـ 100 عام كلل في ثلثيه عطاء علميا منقطع النظير على المستوى العلمي الفلكي كويتيا وخليجيا، احتفل به المغردون على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرين أنه رمز كويتي شامخ، وأيقونة علمية باقية تتحدث بها الأجيال القادمة.
ولقد هنأ صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، العم صالح العجيري بميلاده المئوي، وكما عهدنا سموه والدا لا ينسى تاريخ أبناء الكويت الأبرار ولا عطاءاتهم التي عادت على الوطن بالتقدم والنمو والرخاء، ممتدة عطاءات العالم الفلكي عبر قرنين من الزمان، منذ إصدار «تقويم العجيري» في ستينيات القرن الماضي والذي أصبح لاحقا تقويم الدولة الرسمي، وإلى الآن مازالت بصماته العلمية الوطنية واضحة راسخة متعاقبة، فتأسيس نادي الفلك الكويتي ومرصد العجيري، إنجازان علميان على أرض الكويت.. فتحا النوافذ لأخذ هذا العلم بعين الاعتبار.
استطاع العم صالح العجيري أن يضرب مثلا عظيما في تأسيس مكانة لعلم الفلك في الكويت صديقا للكواكب والنجوم في صحرائنا الشاسعة، من خلال نشر المطبوعات العلمية والموسوعات الفلكية من حسابات فلكية ونظريات علمية - دراسات ومشاركات دولية مع المنظمات العلمية المختصة في علوم الفلك.
وفي لقاءات سابقة.. مرئية ومكتوبة.. لفت نظري المرصد المصغر من تقنيات فلكية موجودة في ديوان العم صالح.. وهذا الديوان الذي يرتاده محبوه أحيانا للسلام والاطمئنان عليه، يستأنسون بحديثه عن كل قطعة فلكية يروي قصتها بابتسامة التاريخ العلمي المشرق.
ومن السيرة العطرة.. نذكر أن ولادة العجيري كانت عام 1920، وكان قد أحب الذهاب إلى البادية وكان يجلس تحت سماء صحراء الكويت وقد تعلم الجهات الأربع على يد قبيلة الرشايدة في البادية.. وتخرج العم صالح.. في مدرسة الآداب والعلوم من جامعة الملك فؤاد الأول (جامعة القاهرة) عام 1946.
بدأت رحلته كما ذكر في إحدى الإطلالات المميزة، بعد أن أتم دراسته في الجامعة، توجه إلى المنصورة في شمال مصر إلى قرية صغيرة كانت له مراسلات مع بعض معلميه ليحصل على مقومات أساسية لخرائط علوم الفلك، سعيا منه لاستكمال دراسته، حتى حصل على شهادة علمية تفيد بتخصصه في علم الفلك من الاتحاد الفلكي المصري في أول أكتوبر عام 1952.
ومع هذه المسيرة العلمية المكللة بالنجاح، استطاع العم صالح العجيري كسب قلوب الكويتيين وثقتهم، ومازال مرجعا موثوقا به في استهلال الأشهر والأيام، وعبر رزنامته الوطنية.. وتبقى قصة العم صالح العجيري مضربا للمثل برعايته الأبوية لإخوته وأقرانه وزوجته وأولاده أبا صالحا، وأبا روحيا لكل الشباب الهواة الشغوفين بهذا العلم الضروري في منطقتنا الخليجية والعربية، ليبقى في عيده المئوي قامة فلكية شامخة.
أطال الله عمره المديد على طاعته ومتعه بالصحة والعافية.. آمين.
[email protected]