في يوم حزين من أيام عمر الكويت غابت أمس شمس الصباح عن الكويت، بلا صباح الأحمد قائد الإنسانية ووالد الجميع، وكيف لنا ألا ننعى من قال عن أبناء الكويت «هذولا عيالي»، وكيف للشمس أن تبزغ مجددا على ديرتك يابوناصر وأنت قلت لنا وداعا، وترجلت عن جوادك الكويتي العظيم.
بمزيد من الحزن والأسى أنعي إلى الشعب الكويتي والأمتين العربية الإسلامية، المغفور له بإذن الله صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حكيم العرب وقائد الإنسانية، صاحب أوسمة الاستحقاقات السياسية والديبلوماسية الدولية الكبرى، غادرنا سمو الأمير بعد تاريخ سياسي حافل بالعطاء الوطني والدولي، رعانا حتى احتل كوالد لم يلدنا قلوب أبناء الكويت وأبناء الأمتين العربية والإسلامية في دعة الله وسعة رحمته يا والد الجميع. لعل الحديث عن تاريخ سموه السياسي الكبير على مدى عقود وعقود ليس لنا الآن المجال في سرده لأنه أعظم من أن يكتب في سطور مقالة، وقبس منه، ففي خلال توليه وزارة الخارجية، تشكلت لجنة لمساعدة دول الخليج العربي واليمن، كما وقف سموه على الحياد في الأزمة الخليجية عام 2017 عاملا على خط الوساطة والديبلوماسية في فض المنازعات، ولا ننسى بصمة سموه إبان توليه منصب وزارة الخارجية في تأسيس منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي وضع خطوطها العريضة في عام 1981، وتولى مسؤولية تمثيل كرسي الكويت فيها لأعوام طويلة كما اعتبر مسؤولا في التقريب بين وجهات النظر بين الدول الخليجية، في ملف الخلاف على الحدود، وحاول سموه رحمه الله الحفاظ على وحدة المنظومة الخليجية التي تعد المنظمة الوجودية للكويت ولشعوب الخليج العربي وكان حريصا على المصالحة.
إنني أعيد ذاكرتي القريبة بعد اجتياح الجائحة كورونا (كوفيد- 19)، ولا أستطيع أن أنسى الدور الأبوي بإعادة آخر كويتي من بلاد العالم في شهر رمضان المبارك، إضافة إلى حسه العائلي الأبوي العالي في مواساتي برحيل والدتي وشقيقتي د.سلوى بورسلي، وهكذا كان قلبه وباب قصره دائما مفتوحا لأبناء الشعب الكويتي ولهمومهم وتشرفت بلقائه رحمه الله في عدة مناسبات، كما كان مفتوحا لهموم الأمتين العربية والإسلامية.
سنسير على خطاك يا أميرنا الراحل على قاعدة الولاء وتوحيد الصف الوطني، ولا عزاء لمن يريدون للكويت بأن تصبح ساحة للعابثين، بل عزاؤنا لأسرة الصباح حكام الكويت الشرفاء، وللمواطنين السائرين على درب النهضة بالوطن، ونسأل الله تعالى له أن يتغمده برحمته الواسعة وأن يولي علينا خير خلف لخير سلف، وغابت شمس الكويت حزينة.
كلمة: وداعا قائد الإنسانية العظيم ستبقى في قلوب أبناء شعبك ودعواتهم لك بالرحمة والمغفرة (إنا لله وإنا إليه راجعون).
[email protected]