المشهد المصري في الوقت الراهن يتسم بالفوضى وتصلب المواقف، فالكل يرغب في فرض السيطرة وسحق الآخر، تماما كما فعل حزب الحرية والعدالة فور وصوله إلى الحكم عن طريق انتخابات ديموقراطية وشرعية، ورغم اختلافي مع سياساته وطريقة إدارته لشؤون الدولة إلا أنه يجب ألا نغفل شرعيته وأيضا مطالب تلك الحشود الكبيرة التي خرجت ضده، فمصر للجميع وليست محتكرة لفئة معينة.
في خضم هذه الفوضى والفتنة، فتحت أبواب من الخلف سهلت الدخول للمتربصين بمصر والساعين إلى العبث بشرعيتها وإجهاض ثورتها، فكلنا يعلم أن هناك الكثير من الدول في العالم العربي لديها فوبيا من الربيع العربي والحرية، وأيضا هناك من لديه مسبقا فوبيا من الأحزاب الدينية (رغم اختلافي معها)، لذلك كانت الفتنة المصرية فرصة عظيمة لهم ومكنتهم من الوصول إلى غايتهم في دعم تيارات معينة وإسقاط تيارات أخرى والضحية هو الشعب المصري وثورته، لذلك كان من الأولى على حزب الحرية والعدالة أن يقطع الطريق أمامهم ويحسن من مساره ويتعامل مع الواقع ويسحب فتيل الأزمة بعمل استفتاء شعبي يرتضي له الجميع ويحدد إما الدعوة لانتخابات مبكرة أو استمرار فترة حكمه، أو أن يوافق على التنحي والدعوة لانتخابات مبكرة وينزل بثقله كما البقية، فباعتقادي أن هذين الحلين وخصوصا الأول كانا الأمثل في تلك المرحلة، ولكن للأسف تصلب حزب الحرية والعدالة بموقفه ضد حشود كبيرة من المعارضة متصلبة أيضا هي الأخرى في مواقفها وهذه النتيجة، أجهضت الثورة في مصر وعادت للحكم العسكري من جديد وبدعم من قتلة الحرية والديموقراطية.
كلمة أخيرة: الأزمة المصرية رغم سيئاتها إلا أنها كشفت لنا الكثير من الأسرار وأسقطت أقنعة التيارات الليبرالية والعلمانية في الخليج، فهي تيارات تؤمن بالحرية في مواضع وتكفر بها في مواضع أخرى، تماما كما التيارات الدينية، فمشكلتنا الحقيقية التي يجب أن نعالجها كي ننعم بالسلام والوئام والتقدم والنجاح هي الانتقائية في الطرح، غير ذلك فعلى مجتمعاتنا العربية وربيعها السلام.
[email protected]
@tareq_al_freah