عند كل صباح، نستيقظ على وقع أخبار جديدة، نشعر للوهلة الأولى بأنها مختلفة، وما إن نقرأها، حتى نشعر بالندم والحسرة على الوقت الذي أضعناه في قراءتها، فالأخبار لم تعد جديدة في فحواها، وإن استجدت تواريخها وشخصياتها، فالسمة التي باتت غالبة على حياتنا هي المنع.
لقد بات كل شيء ممنوعا في هذا البلد، ممنوع أن تتحدث بصوت مغاير للسائد السياسي والاجتماعي، وإلا.. ستجد نفسك حبيس زنزانة فيها أكوام من البشر، ليس لهم ذنب إلا لأنهم تحدثوا بحرية، وحتى الأدب، الذي كان خط مقاومتنا الأخير، طالته يد القمع والمنع.
يتساءل كثيرون، ما الذي يجري في بلد كان يوما ما منارة للحريات السياسية والفكرية؟، وأعتقد أن الإجابة بسيطة، فالزمن بدأ يفرض شروطه، وأحد أهم هذه الشروط هو التغيير، فعالمنا اليوم منفتح ومتسارع ولا يحد تغيره حدود، وهو انعكاس لتطور بشري في الفكر والثقافة والوعي والابتكار، وبالتالي نتج عنه هذا الحراك العربي الجديد، الذي أدى لثورات أطاحت بطغاة جثموا على صدور شعوبهم طوال عقود من الزمن، واتساع رقعة هذا الحراك بشكل مستمر حتى وصوله إلى الكويت، وبحكم أننا كشعب بدأنا في ستينيات القرن الماضي بنقطة متقدمة عن بقية العالم العربي في تأسيس دولة الدستور والمؤسسات، وبناء نظام سياسي ديموقراطي وإن كان هجينا، فالتغيير سيكون حتميا نحو الحكومة البرلمانية وإقرار الأحزاب، وبالتالي الوصول إلى شكل ديموقراطي كامل وواضح، والذي أراه هو تطور طبيعي لجيل جديد طامح، لم يعد يناسبه ما كان يناسب أجدادنا في القرن الماضي، فما كان من السلطة وأتباعها إلا أن قاموا بحراك مضاد للشباب، وبدأت الحريات في التضاؤل، والقمع في ازدياد، حتى طال جميع أشكال التعبير، ومنها الأدبي والفني، وبات واقعنا الحالي أسوأ من القرن الماضي بكثير.
على السلطة أن تتعلم من دروس التاريخ، وأن تفقه فكرة أن التغيير هو الثابت الوحيد، ومن الأفضل أن تواكب التطور بدلا من التراجع الذي لا تحمد عقباه، وختاما أقول: من يخرج من الصندوق، لا يمكن أن يعود إليه.
[email protected]
tareq_al_freah @