وباء «كورونا» أزمة صحية عالمية عابرة للقارات وحتى الآن لا بوادر تشير إلى انفراجة حقيقية للأزمة والتي ألحقت الضرر بشرائح عدة وتزداد مع الأزمة معاناة الملايين. لكن هل لأزمة كورونا أن تمر من دون أن تستفيد البشرية أوتتحصل منها على العبر والدروس؟
باعتقادي أن أزمة كورونا لها إيجابيات رغم سلبياتها المتعددة، وقد يستغرب البعض من ذلك، لكن رويدا رويدا سأتطرق إلى قائمة إيجابيات ربما غائبة عن البعض ولابد هنا من أن أذكّر بقول الله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) وقوله تعالى أيضا (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا)، ولأن كل شيء يحدث بإذن المولى عز وجل وهذه هي الحقيقة فإنما لحكمة يعلمها من يدبر الأمر.
حتى أسابيع بسيطة كان العلماء والعلم في مستويات دنيا وكانت الأموال تدفع بسخاء للاعبين والفنانين ونسمع عن تقاضيهم مبالغ خيالية رغم أن ما يفعلونه لا يعادل شيئا مقابل ما يقدمه العلماء، لدرجة جعلت آباء كثيرين يتمنون أن يصبح أبناؤهم لاعبين أو يجدون فرصة في الوسط الفني، ثم جاء الفيروس متناهي الصغر ليقلب الموازين ويعيد للعلم والعلماء والأطباء مكانتهم المستحقة، ونطلق عليهم الجيش الأبيض نظير تضحياتهم، وتمنحهم الدول ما يستحقون من تقدير وخصصت دول أخرى مليارات الدولارات للبحث العلمي، وتغلق حانات وأنشطة ترفيهية أيضا فقد أعادت كورونا العبد إلى ربه، وأظهرت حقيقة دول كانت تصف نفسها بأنها عظمى ولا يستطيع أحد أن يؤثر على هيبتها وتسبب الفيروس في امتداد يد الخير والعون وظهور نماذج مشرفة كالمتطوعين.
كما كشفت أزمة «كورونا» محليا عن شريحة باعوا ضمائرهم لأجل المال من دون أي تقدير لهذا الوطن وما قدمه لهم، وأقصد تجار الإقامات، والذين هم السبب الرئيسي في اختلال التركيبة السكانية وتكدس العمالة الهامشية، وأتمنى الضرب بيد من حديد على هذه الشريحة.
كما كشفت الأزمة عن حتمية تبادل الخبرات بين الدول والعمل معا كفريق واحد لمجابهة الفيروس. وفي هذا الخصوص استوقفتني فكرة رائدة لمملكة البحرين الشقيقة وهي عبارة عن استغلال مواقف سيارات لمجمعات تجارية في إقامة مستشفيات ميدانية، وشخصيا أعجبت بالفكرة وعرضتها على زملاء وأصدقاء، وهأنذا أطرحها في نافذتي وقد تكون هذه المواقف بل والمجمعات المغلقة حاليا منشآت جيدة تصلح كمستشفيات ميدانية مؤقتة لحين زوال «كورونا» بعون الله.
آخر الكلام
لا أستطيع أن يمر أحد مقالاتي في هذه المرحلة من دون أن أتوجه بأسمى آيات الشكر لكل أبنائي وإخواني في وزارة الداخلية بدءا من معالي الوزير وأخيه الوكيل ومرورا بجميع الوكلاء المساعدين وانتهاء بأصغر شرطي، وأقول لهم: مشكورين على جهودكم الجبارة، ونقدر تعبكم وسهركم وما تقدمونه لهذا الوطن في هذه المرحلة المهمة والخطيرة، جزاكم الله ألف خير.
[email protected]