الصديق الصدوق وزميل الدرب المتواضع الشهم الراحل ذعار الرشيدي رحمه الله، عرفته وتعاملت معه من خلال صفحة «الرأي» والتقيت معه بالجريدة في مكتبه عدة مرات بعد أن تعارفنا على بعض بمكتب إلياس خرستو مسؤول الصفحة آنذاك.
تناقشنا كثيرا عدة مرات فيما أكتب وأيضا فيما يكتب هو وكانت أفكارنا تتلاقى كثيرا وتعجبني آراؤه في كل موضوع يتطرق له سواء بالنقد الواعي المتزن أو بالنقد المباشر العلني الراقي دون تجريح، نعم لأن ثقافة ومنهج ذعار بكتابة الرأي هادفة وموجهة دون مساس أو تجريح مباشر للأشخاص وموجهة للمسألة أو الظاهرة التي يقصدها ويعلن عنها علنا!
وعندما كُلِّف الراحل ذعار الرشيدي - رحمه الله - بالصفحة كان حريصا على التواصل معي يسأل عن مقالي ليؤكد لي اهتمامه الشخصي بالرأي الذي أتطرق إليه، وأتذكر في إحدى المرات قال لي رأيك دائما فيه إشارات فيما بين السطور لماذا تخفيها اجعل القارئ يهتدي لكل مسألة تنتقدها بصراحة وعندما تحدثت له - رحمه الله - عن مقالتي «بوعرام» التي شبهت فيها مجلس 92 بـ «البوعرام» الذي يسير في غير هدى وركابه بمختلف المقاعد ليسوا سواء، كانت تلك المقالة مباشرة حتى بتشبيه ركاب هذا «البوعرام» مختلفين بالطبقات ومصنفين!
لقد استفدت من كل جلساتي معه، وكنا نتواصل دائما من خلال الرسائل النصية والمكالمات عبر الهاتف بكل صراحة ومسؤولية!! لقد كان الراحل ذعار في منتهى الحيوية والنشاط، كان وجوده بالجريدة شبه دائم بكل الأوقات أصادفه لأنه كان ملتزما بكل معنى الكلمة.
نعم لقد انشغلت من زمن طويل بل انقطعت عن الذهاب للجريدة واكتفيت بالتواصل عبر الفاكس سابقا وبالإيميل حاليا لتوصيل مقالة الرأي خاصتي دون أن أتعنى الذهاب إلى صالة التحرير، هذا الانقطاع تسبب لي في افتقاد العديد من الأصدقاء والزملاء بالجريدة متأسفا على رحيلهم دون وداع ولقاء، كما كانت فترة ما بعد التحرير التواجد اليومي بالجريدة بالنهار وبالمساء!
نعم رحل ذعار دون وداع وفوجئنا برحيله عبر الخبر والصفحة التي كانت رثاء من الزملاء لهذا الرجل الخلوق والمواظب والحريص على لقاء قراء زاويته اليومية أو شبه اليومية، نعم المشاغل والظروف كانت الحاجز الذي حرمنا من وداعك يا ذعار الرشيدي لكن نقولها بكل وجع وحزن وألم يا ذعار.. اعذرنا، وداعا يا زميل وصديق الرأي السديد والعشرة الطويلة على ضفاف زوايا صفحة آراء وشواطئ الكلمة الناقدة الهادفة! رحمك الله وأحسن مثواك وطهرك بالماء والبرد وجعلك من المطهرين المأجورين بأعمالك وحسناتك وصفاتك يا صديق الكلمة والقلم والصفحة، وداعا ذعار واعذرنا!