أعادت الأمطار التي هطلت على البلاد السبت والأحد الماضيين، والفزعة التي صاحبتها من كل المؤسسات لفتح الطرقات وإنقاذ المحاصرين سواء في المدن أو الضواحي وحتى بمناطق البر، أعادت إلى الذاكرة، أسلوب المجتمع الكويتي في التعامل مع هذه الأوقات بالتكاتف والهبة الواحدة لإنقاذ من تجرفه السيول أو يعلق وسط مستنقع ناتج عن تجمع المطر.
أيام زمان عندما كانت الأمطار تهطل بغزارة، كان أهل الكويت يفزعون لخدمة المنكوبين من هذه السيول ويتعاونون في مد يد المساعدات لإنفاذ ما يمكن إنقاذه وهذا ما حصل أيام ما سميت بسنوات الهدامة التي أغرقت مدينة الكويت وضواحيها، وكان «المدعاب» وسيلتهم لتصريف تجمع مياه الأمطار في بيوتهم.
بالطبع أجيالنا اليوم لا يعرفون بقصة «المدعاب» ودوره، إذ كانت «المداعيب» تؤدي دور ما نسميه اليوم «بمناهيل» الصرف التي تقوم اليوم بتصريف مياه الأمطار والصرف الصحي وربطها بمجاري الشوارع والمدن والضواحي، من هنا كان تفكير أهلنا أيام زمان بأهمية وجود «المدعاب» الذي كانت كل أبواب البيوت تحرص على فتح طريق لتصرف مياه السيول والأمطار من «حوش» البيوت إلى السكيك والشوارع بواسطة هذا المجرى المائي لأهميته!
اليوم جميع المباني والبيوت تؤدي مناهيل الصرف الصحي فيها دور «المدعاب»، وأحيانا تكون هذه المناهيل مدعومة بمساعدة مكائن السحب والضخ التي ترفع المياه من السراديب تحت الأرض لتصريف المياه ومساندة المناهيل!
هذه قصة «المدعاب» وأهميته أيام زمان، بالطبع اليوم لا نحتاج لهذه المداعيب التي طواها الزمن وانتهى دورها! وما نحتاجه اليوم هو إخلاص المسؤولين وأمانة أداء عملهم بالواجب الوطني المناط بهم حتى لا تغرق شوارعنا ومدننا بسبعين ملليمتر من معدل هذه الأمطار التي سقطت وأغرقت شوارعنا ومدننا واستنفرت كل المعدات والأليات الثقيلة لإنقاذ الوضع!
تحية تقدير لكل من فزع من مؤسسات حكومية لإنقاذ الوضع، وتكاتف هذه الجهات يذكرنا بفزعة أهلنا أيام زمان عندما تتوقف «المداعيب» عن عملها بتصريف مياه الأمطار! «والله من وراء القصد»!