فقدت الكويت وديبلوماسيتها واحدا من رجالها الأشاوس، ومن لا يعرف السفير أحمد عبدالعزيز الجاسم الذي كان مدرسة بالديبلوماسية عرفناه عن قرب من خلال عملنا معه أيام الاحتلال الغاشم، وتعلمنا منه الحزم والمبادرة والتقدير واتخاذ القرار لصالح العمل، فكانت لنا معه مواقف ومهمات لا تنسى في خدمة الكويت أثناء أزمتها أيام الغزو البغيض!
عرفنا فيه احتضان كل مجتهد ومبادر من رجال ونساء الكويت من المواطنين في دمشق للعمل باللجان التي شكلها بالسفارة وكان بقدرته وحسن إدارته في توزيع المهام سواء على الإخوة الديبلوماسيين أو على الزملاء رؤساء اللجان المكلفة بالإسناد والمتابعة، فكانت سفارتنا بدمشق خلية نحل ليلا ونهارا بفضل حنكة ودراية وإدارة هذا الرجل الحاسم والمتواضع والعطوف على الجميع!
نعم غاب «أبو نائل» عن المشهد الديبلوماسي والوطني، ولكن تبقى مآثره وبصماته تاريخا وشاهدا وأثرا بالغا لأنه عمل سفيرا في عدة بؤر ساخنة، فتعامل مع كل المواقف بحنكته ومستخدما قدراته السياسية والديبلوماسية والإعلامية، وبذلك ترك لنا تجربة لم ولن ننساها وتعلمنا منها الكثير!
لقد استخدم علاقاته في خدمة قضيتنا الوطنية أيام الاحتلال وأشركنا جنبا إلى جنب مع إخوة لنا من أركان السفارة في المهام الفنية والإدارية والخدماتية والتنظيمية وكان نعم القائد والموجه لكل الأشخاص الذين عملوا معه!
لقد أتاح لنا فرصا كثيرة بالعمل تحت إشرافه ومتابعته وكلفنا بمهام وطنية علمتنا كيف نتعامل في ظل تلك الظروف بحرفية وإتقان وديبلوماسية وحنكة سياسية، نعم لقد كان مدرسة حقيقية ننهل منها كل الصفات ونتعلم منه كيف التصرف!
لقد استغل بونائل، رحمه الله، طاقاتنا وقدراتنا العملية والعلمية وتوجيهنا لتنفيذ المهام الموكلة لنا من خلال اللجان العاملة معه آنذاك لتبقى ذكريات 33 عاما مضت من الغزو راسخة لا ننساها ولن ننسى رجال أحمد عبدالعزيز الجاسم الذين عملنا معهم كعناصر داعمين لمهامهم الخدماتية والديبلوماسية ذاك الوقت!
نعم غاب هذا الديبلوماسي الفذ وبقية ذكراه محفورة في ذاكرة كل من عمل معه من ديبلوماسيين ومواطنين طوال أكثر من 9 شهور في دمشق !! نعم لن نحصي مآثره وإنسانيته وأسلوبه وصوته الجهور وشخصيته الفذة بالعمل داخل وخارج السفارة لأنه حقيقة مدرسة لا يستهان بها، لذلك نقول على ديبلوماسيينا اليوم قراءة تجربة أمثال هذا السفير الذي كان هرما للديبلوماسية الكويتية وقائدا بالميدان الديبلوماسي والسياسي والإعلامي، رحمك الله يا أبا نائل وستبقى ذكراك راسخة في ذاكرة كل الذين عملوا معك وعرفوك عن قرب، نعم هناك المزيد من الحديث عن تجربتي الفريدة مع السفير والمعلم والملهم والأخ الكبير العم أحمد عبدالعزيز الجاسم، رحمه الله وطيب الله ثراه، وعزاؤنا لأسرته الكريمة والتي كانت معنا قبل 33 عاما كأسرتنا الحقيقية ولانزال نتواصل معهم، حفظهم الله وأسبغ الصبر والسلوان عليهم… وداعا يا هرم الديبلوماسية، رحمك الله وأحسن مثواك! والله من وراء القصد.