هذه المدينة العراقية القديمة التي أسسها الصحابي الجليل عتبة بن غزوان المازني سنة 14 هجرية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي أول مدينة تبنى بعد الفتح الاسلامي للعراق.
وقد وقعت فيها «معركة الجمل» في عهد الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة 36 هجرية، والبصرة عاش فيها عدد كبير من المشاهير والأدباء والعلماء وفيها «معبد قديم لليهود» كما فيها يعيش عدد من أهل الصابئة والمسيحيين.
كما يشتهر فيها قضاء «الزبير» وهو أكبر أقضية البصرة الستة (القرنة - شط العرب - المدينة - الفاو وأبو الخصيب والزبير)، والبصرة شريان حيوي للعراق «بحري وبري» والبصرة غنية بالنفط والزراعة!
والبصرة عاش فيها الكثير من المشاهير كما أسلفنا ومنهم العلامة الجاحظ والأديب الخليل بن أحمد الفراهيدي، وكذلك علامة النحو «سيبويه» والعلامة الحسن بن الهيثم وكذلك الحسن البصري وأبوالأسود الدؤلي، ومحمد بن سيرين وكذلك المحدث أبوداود السجستاني، ومن العلماء المعاصرين الشاعر بدر شاكر السياب والأديب المفكر أحمد الخفاجي!
وبالبصرة مرقد الصحابي طلحة بن عبيد الله ومرقد الزبير بن العوام ومرقد الحسن البصري ومرقد محمد بن سيرين.
وبالبصرة أكبر جامع للإمام علي بن موسى الرضا، كما أن البصرة اشتهرت بمهرجان الشعر والأدب الذي يمتد تاريخه 1400 سنة ويسمى مهرجان «المربد»! وهنا نقول إن هذه المدينة الاسلامية والعربية العريقة التي هي أقدم من بغداد العاصمة، بل أقدم من بعض المحافظات العراقية الأخرى أهملت في العهد الحديث وأصبحت «مكبا» للنفايات والملوثات رغم أهميتها التاريخية والاسلامية وهي من أشهر المدن العربية والاسلامية الكبرى.
اليوم البصرة تسحق سياسيا واقتصاديا وبشريا لتصبح من أفقر المدن العربية رغم أن باطنها فيه ثروة نفطية كبرى تغذي العراق كله لأن البصرة الشريان البحري والنفطي الأهم بالعراق، لكن للأسف أهملت من كل الأنظمة والحكومات المتعاقبة وازدهرت في العهد الملكي ثم تلاشت وأصبحت اليوم طي النسيان!
البصرة العريقة لها تاريخ حافل بالعلاقات التجارية البحرية والبرية مع العالم، وكانت موانئ البصرة في التاريخ الحديث من أهم موانئ المنطقة العربية لاطلالتها على الخليج العربي، ولتجار البصرة علاقات قديمة مع تجارة القارة الهندية والقارة الافريقية منذ عهد الاسلام ويمر بها طريق الحرير والتوابل القديم! والبصرة قبل بنائها كانت أرضا عربية متصلة بجزيرة العرب وبلاد الرافدين سكنتها أعرق القبائل العربية الكبرى والذين لهم امتداد عريق بعرب الجزيرة العربية وأهلها! فكيف البصرة اليوم هكذا تهمل وتتلاشى سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وبشريا وتصبح على هامش أولويات الحكومات العراقية المتعاقبة.. فهل تستحق هذه المدينة العربية هذا الإهمال والنسيان! البصرة كما صورها بدر شاكر السياب.
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر
هذه هي البصرة اليوم!