العهد العُماني الجديد امتداد للسلطان الراحل قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، الذي رسخ اسس سلطنة عمان الحديثة قبل 50 عاما، واليوم يتربع على هذا العرش السلطاني خير خلف لخير سلف، السلطان هيثم بن طارق بن تيمور بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان بن احمد بن سعيد آل بوسعيد الازدي، سليل الشجاعة والحكمة والشرف العالي، والده طارق بن تيمور اول رئيس وزراء للسلطنة في عهدها الحديث بالنهضة المباركة التي بدأت مع عهد السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله وطيب مثواه ـ عام 1970 واستمر حتى عام 1972، بالطبع السيد طارق بن تيمور ولد في اسطنبول عام 1920، تعلم في تركيا ثم رحل الى المانيا عام 1935، وتعلم الالمانية اضافة للانجليزية والتركية والعربية (اللغة الأم)، وواصل دراسته في الهند بمنطقة مدراس وخاصة الدراسة العسكرية، وعاد الى مسقط عام 1940، وفي عام 1945 تسلم رئيس بلدية مسقط ومطرح ووضع الضريبة على كل من يرمي الاوساخ في الطريق، ومع الايام اصبحت نظرية طارق بن تيمور هي الثاقبة في الحفاظ على نظافة مسقط ومطرح.
كما كان في تلك الفترة واليا على مطرح اسماعيل الرصاصي (من اصل فلسطيني)، وقد ابتعد السيد طارق بن تيمور عن الواجهة من عام 1965، وعاد مع عهد النهضة المباركة عام 1970 عندما تولى السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور الحكم في السلطنة، والسلالة السلطانية لها تاريخ سياسي طويل، وهنا نستذكر عهد جد السلطان هيثم بن طارق بن تيمور بن فيصل بن تركي البوسعيدي (ولد عام 1886 في مسقط) وتوفي في 28 يناير 1965 عن 79 عاما، عاصر السلطان تيمور بن فيصل الحرب العالمية الاولى والازمة الاقتصادية آنذاك ووقع اتفاقية «السيب» عام 1920 وشكل اول مجلس وزراء في تاريخ عمان برئاسة نادر بن فيصل، ثم عين ابنه سعيد رئيسا لمجلس الوزراء عام 1929، كما تم في عهد السلطان تيمور آل بوسعيدي توقيع اول اتفاقية تنقيب عن النفط عام 1925، غير ان النفط لم يتم اكتشافه، وقد امتد عهد السلطان تيمور حتى عام 1932 عندما تنازل عن الحكم لابنه السيد سعيد بن تيمور لأسباب صحية، وقد امتد حكم السلطان سعيد الى عام 1970، حيث حكم السلطنة من فبراير 1932 حتى 23 يوليو 1970، عندما تسلم حكم السلطنة الراحل قابوس بن سعيد رحمه الله واحسن مثواه. ويمتد حكم آل بوسعيد من 1749 حتى اليوم، هذا الزمن الطويل في حكم هذه الاسرة العربية العريقة اتسم بالشجاعة والحكمة، هكذا هم اشراف العرب، سلالة تمتد في جذورها العربية الى يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام بن اخنوخ بن انوش بن شيت بن آدم عليهم السلام.
وآل بوسعيد امتد حكمهم من عمان حتى زنجبار، هذا ما ذكره مؤرخ عمان الشهير الشيخ سالم بن حمود السيابي، وهو اول مصنف في انساب أهل عمان!
لقد قمت بزيارة السلطنة عدة مرات، وكانت آخرها تلك الزيارة الشيقة التي تمكنت فيها من صعود الجبل الاخضر، وفي طريق العودة زرت المتحف العماني الشهير الذي يعود الى عصر وزمن حكم «دولة اليعاربة»، ويعود تاريخ تلك القلعة او القصر الى العهد الفارسي ايام كسرى انوشروان بن قباذ ثم أعيد بناؤه في عام 1250 تقريبا، ولكن تمكن «اليعاربة» من اعادة بنائه على يد الامام ناصر بن مرشد بن مالك اليعربي ما بين 1624 و1649، ثم دخلت عليه اضافات ما بين 1744 و1936، زادت بعض الابراج وطورت في عهد الامام احمد بن سعيد البوسعيدي، وآخر ترميم لهذه القلعة في عهد اليعاربة كان عام 1999 ترميما كاملا، واصبحت متحفا تاريخيا رائعا، واهم شواهدها جامع البياضة وهو مركز للعلوم الاسلامية، وأشهر تلاميذه العلامة ماجد بن خميس بن راشد العبري والشاعر محمد بن شيخان السالمي الملقب بشيخ البيان وآخرون، وتقع قلعة الرستاق على سفح الجبل الاخضر على سهل الباطنة في ولاية الرستاق!
نعم هذا تاريخ العراقة العربية العمانية التي تمتد لاكثر من 620 عاما لم نذكر منها الا تاريخ دولة آل بوسعيد المجيدة والتي حكمها نحو عشرة سلاطين حافظوا على الحكمة والشرف والشجاعة، واليوم سفينة هذا المجد العربي العماني يقودها السلطان هيثم بن طارق أعانه الله وسدد على درب النجاح خطاه، وليستمر تاريخ المجد.