في الوقت الذي نحلم به أن نكون مركزا تجاريا ماليا عالميا ونتقدم ونكون في مصاف الدول الأكثر نموا، بدلا من أن نكون من الدول النامية، نكتشف الحقيقة المرة التي هي أننا واقع من الدول النايمة في العسل!
دعوني أحكي لكم قصة توضح أبسط صور البيروقراطية الحكومية، من خلال المقارنة بين القطاعين الحكومي والخاص لنفس المعاملة والإجراءات.
في شهر رمضان، تم الإعلان عن الـ 30 مهندسا المقبولين في أكاديمية هندس لإعداد القيادات الهندسية، على أن يباشروا أعمالهم في أول يوم من شهر يوليو الماضي.
فتقدم المهندسون العاملون في القطاعين الحكومي والخاص باستقالاتهم من جهات عملهم، على أن يكون آخر يوم عمل لهم بتاريخ 31 يونيو 2018.
وباشر المهندسون أعمالهم بوظائفهم الجديدة في 1 يوليو 2018، وبدأوا في معمعة الإجراءات الحكومية الروتينية، (التسجيل في التأمينات - استخراج إذن العمل - ومن ثم التقديم على دعم العمالة).
وكذلك الحال في المهندسين العاملين بالقطاع الخاص في وظائفهم السابقة، حيث انتهت إجراءات استقالاتهم من وظائفهم السابقة في أول أسبوع من العمل في الشركة الجديدة (إلغاء من التأمينات - وإلغاء من الشؤون).
فما النتيجة؟!
المهندسون العاملون في القطاع الحكومي حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال لم تنتهِ إجراءات استقالاتهم وإلغائهم من التأمينات والشؤون!
4 أسابيع ولم تنتهِ إجراءاتهم، ما تسبب بعدم تسلمهم لدعم العمالة لشهر يوليو وقد يصل الى أغسطس كذلك، ما لم تنتهِ إجراءاتهم.
إنها أبسط صور البيروقراطية والدورة المستندية المطولة في القطاع الحكومي، معاملة بسيطة كالاستقالة، أيعقل أن تأخذ هذه المعاملة التي لا تحتاج الا الى 4 توقيعات في القطاع الحكومي الى ما يقارب الشهر حتى يتم إلغاء الموظف وانتقاله الى وظيفة أخرى؟!
الى متى ونحن نعيش في هذه الدورة المستندية الطويلة التي تضيّع الوقت والجهد وتمنع التقدم وزيادة الإنتاجية لدى المواطن؟
أسأل سؤالا بديهيا ومنطقيا:
لماذا لا يكون هناك نظام ربط الكتروني في الحكومة حتى يتم إنهاء المعاملات بضغطة زر واحدة دون الحاجة إلى كتابنا وكتابكم، فهي أسرع، وأفضل للبيئة كذلك!
أتمنى أن يصل الصوت الى من يملك القرار ويتخذه ليسهّل على المواطن هذا الكم من «التشحطط» بين مبنى وآخر ومؤسسة وأخرى لإنهاء أبسط أنواع المعاملات، ما سيوفر الوقت ويقلل الازدحام المروري كذلك.
[email protected]
Al_Derbass@