يحكى أن.. والعهدة على الراوي، أن وكيل وزارة دفاع سابقا في إحدى الدول دعي إلى مؤتمر لإلقاء خطاب..
وهو على المنصة يحمل في يده كوبا من القهوة الورقي والجمهور أمامه في صمت ينتظر ماذا سيقول هذا المسؤول السابق.
نظر المسئول السابق الى الكوب الورقي وابتسم ابتسامة عريضة تحمل في ثناياها الكثير من العتب، وترك خطابه المعد للإلقاء وبدا يرتجل في كلمته وقال التالي:
«كلكم تعلمون أنني كنت العام الماضي وكيل وزارة في منصبي وتحدثت في نفس المناسبة والمكان هنا على نفس المنصة وبذات القاعة وذات الجمهور تقريبا.
ولكن في العام الماضي حجزوا لي على درجة رجال الأعمال، ونسقوا لي سيارة خاصة، تقلني من المطار إلى الفندق ورتبوا لي شخصا ينهي إجراءات تسلمي لغرفة الفندق ويرشدني إليها.
في الصباح التالي عندما نزلت إلى الأسفل وجدت شخصا ينتظرني في البهو، وأقلني إلى نفس القاعة وأوصلني إلى المدخل الخلفي ثم غرفة التحضير من الباب الخلفي، وناولني القهوة في كوب خزفي جميل. لكني هذا العام لم أعد وكيل وزارة!
لقد أتيت على متن الدرجة السياحية، استقللت سيارة أجرة على حسابي من المطار إلى الفندق، وأنهيت إجراءات تسلمي للغرفة بمفردي.
وأخذت سيارة أجرة أخرى لتقلني إلى القاعة، مشيت إلى المدخل الأمامي وعثرت على طريق وراء الكواليس دون مساعدة، وعندما سألت أحد الأشخاص، هل تتوافر لديكم قهوة؟! فأشار إلى ماكينة القهوة في الزاوية، وأعددت القهوة بنفسي ووضعتها في هذا الكوب الورقي.
وأكمل الوكيل السابق كلمته قائلا: العبرة هي أن كوب القهوة الخزفي لم يكن لي بل للمنصب الذي كنت أتولاه، أنا أستحق كوبا ورقيا!
كلنا نستحق كوبا ورقيا، كلما كنت شخصا ناجحا وتبلي بلاء حسنا في الحياة، سوف تمنح العديد من الامتيازات، الناس سينادونك سيدي، سوف يحملون حقائبك، ويفتحون لك الأبواب، وسيحضرون لك كوب الشاي دون انتظار طلبك، لكنك لست المستهدف، بل منصبك، وعندما تستمر الحياة، سوف يمنحون جميع تلك الأشياء للشخص الذي سيستبدلونه بك، لا تنس أبدا أنك تستحق كوبا ورقيا فقط.
انتهت القصة عزيزي القارئ، ولنبدأ التأمل من حولنا كيف يتم التعامل مع المسؤول وهو في منصبه ويتمتع بكامل صلاحياته وسلطاته، وبين الشخص نفسه بعد أن تزول عنه هالة المنصب.
هناك العشرات بل الآلاف من الأمثلة التي حولنا لمسؤولين سابقين تمت معاملتهم بجفاء وبصورة بعيدة عن الوفاء ولم ينالوا جزءا من الثناء.
العبرة عزيزي المسؤول ليس بما انت عليه وقت تقلدك المنصب بل بما ستكون عليه بعد ذلك.
فلن تنال الرضا إلا ان كنت عادلا وصادقا وأمينا على الصلاحيات والاختصاصات والسلطات التي تمارسها.
وأذكر في هذا المقام العديد من الوزراء السابقين الذين ما زال الناس يذكرونهم بالخير ويشيدون بهم، وفي الاتجاه الآخر العديد من الوزراء السابقين الذين لا يذكرهم الناس إلا بالسوء أو على اقل تقدير صاروا نسيا منسيا.
فأي الوزراء السابقين تريد أن تكون يا معالي الوزير؟!
Al_Derbass@
[email protected]