التطبيع مع العدو الصهيوني له أشكال وألوان وصور مختلفة، قد يكون تطبيعا سياسيا أو اقتصاديا، رياضيا، إعلاميا أو فنيا.
التطبيع في كثير من الأحيان تفرضه بعض الظروف على دولنا العربية الإسلامية، وتمليه علينا بعض المنظمات الأممية والدولية وتقبله بعض الحكومات أحيانا. ولكن المؤكد أن شعوبنا ترفضه وتمقته وتحاربه.
أتخيل التطبيع مع العدو الصهيوني كالسفينة العفنة التي تبحر ببطء وفي بحر أمواجه عالية وعاتية وكل فترة تصل إلى بلد ولكن أصعب وأبعد موانئ العالم بالنسبة لهذه السفينة هي الكويت.
نعم الكويت.. التي ستكون آخر دولة قد تطبع مع العدوان الصهيوني وهو موقف الدولة الرسمي الذي أعلنه منذ زمن المغفور له بإذن الله سمو الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه، وأكده صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.
أقولها بكل فخر واعتزاز بأنني أفخر بالمواقف الحكومية الكويتية الرافضة لهذا الكيان الغاصب، كما أنني أعتز بموقفها الرافض لهذا الكيان بكل صوره على صعيد مجلس الأمة، ومواقف وخطابات رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم والتي تمثل رأي القيادة السياسية والشارع الكويتي.
كذلك المواقف المشرفة للمؤسسات الكويتية ودورها في تأكيد هذه المقاطعة من خلال عدة وسائل، وسأذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر.
إضافة مادة في الجامعة «الصراع العربي ـ الإسرائيلي» كمقرر إلزامي لجميع طلبة الجامعة. وقيام مؤسسة البترول في الكويت بإصدار تعليمات للشركات النفطية التابعة لها بضرورة استبعاد الشركات المتعاملة مع «الكيان الصهيوني» من أي أعمال نفطية.
بالإضافة إلى القوانين والتشريعات التي تمنع التعاون مع هذا الكيان الغاصب في أي شكل من الأشكال التي لاتزال سارية حتى اليوم.
عموما لا شك أننا في زمن نعيش فيه ضغطا كبيرا يهدف للتطبيع في ظل التخاذل الخليجي والعربي والإسلامي، ولكن ثبات الكويت على موقفها أبهر الجميع بما فيها الدول العظمى والكبيرة التي تستغرب وقوف دولة صغيرة بحجمها مثل الكويت هذا الموقف الكبير، بينما هناك دول اكبر خضعت أو في طريقها للخضوع.
من المؤكد أن الكويت تدفع ثمن موقفها الثابت هذا سياسيا واقتصاديا ورياضيا وبكل الصور لأننا نقاطع الصهاينة، بينما يستقبلهم الآخرون بالورود في دول مجاورة.
ولكننا قادرون على التمسك بموقفنا مهما غلا الثمن. وهكذا هم الأحرار في زمن العبيد، فالأحرار لا يتنازلون عن حريتهم وكرامتهم مهما حدث.
ولكن السؤال هو ما المطلوب منا اليوم كشعوب عربية إسلامية تجاه موجة التطبيع القادمة؟
علينا أن نعبر عن رفضنا لهذا التطبيع مهما كلفنا الأمر، والا نكتفي بوسائل التواصل الاجتماعي بل أن نقدم مبادرات مجتمعية حازمة ورافضة للتطبيع.
وعلينا أن نعلم أولادنا أن فلسطين دولة عربية إسلامية والقدس عاصمتها الأبدية والمسجد الأقصى أولى القبلتين ولن نتنازل عن ذلك مهما طال الأمر. فربما يكون جيلهم أفضل حالا من الأجيال السابقة ومن هذا الجيل. وربما يكون جيلهم قادرا على تحقيق المراد واستعادة كرامة الأمة. والأهم علموا أولادكم انه مهما حدث حولهم فليتصرفوا كأحرار وليسوا كعبيد.
Al_Derbass@
[email protected]