فراق الأحباب سقام الألباب، فبينما كنت أقف عند رأس جثمان عمي بدر الدرباس بعد وفاته، رحمه الله، وبعد قيامنا بتغسيله وقبل تكفينه مر أمامي شريط من الذكريات واللحظات التي كانت تجمعني به، وأطراف الأحاديث التي تبادلناها سويا، والنقاشات واختلاف الآراء فيما بيننا.
سرعان ما بدأت أتأمل ضعف الإنسان، وكيف هي لحظة فقط لينتقل فيها الإنسان بين الحياة الموت.
وفجأة ينفصل الإنسان عن أهله ومحبيه، ليكون وحيدا في قبره، لا ينفعه إلا عمله الصالح، ودعاء المحبين له.
هذه هي الحياة التي نتعب ونشقى ونكد فيها والتي يجب أن نتأملها، فالفطن من يعمل ويتعب في حياته لينال مبتغاه في آخرته.
فالموت لا يستأذن أحدا وجنائز الغد تتنفس الآن، وما الدنيا الا مرحلة عبور، نعمل فيها الخير لكي يكون في ميزان أعمالنا فهو الرصيد الحقيقي لحصاد الإنسان.
السؤال الذي يتبادر في ذهني: هل نحن مستعدون للموت؟
وهل أعددنا أنفسنا لتلك اللحظات التي قد تكون اقرب إلينا مما نتصور؟!
فلا نعلم إذا كان ملك الموت الآن بجانبنا كي يقبض أرواحنا لنذوق سكرات الموت ومفارقة الروح لأجسادنا.
أسئلة كثيرة ندركها ولكن نتجاهلها في حياتنا لطول الأمل، على الرغم من انها مهمة لنا.
تلك كانت أسئلة تدور في رأسي بحاجة إلى أن نعد الإجابة لها قبل فوات الأوان، أحببت أن أطرحها اليوم لنتأملها سويا ونستعد لها، وفرصة لأن نراجع حساباتنا ونرمم علاقاتنا، ولنتذكر أنها لحظات قليلة تفصل بين الحياة والموت.
يقول الشاعر:
يقول المرء أبنائي ومالي
وأهلي لا أفارقهم محال
فتأتيه الوفاة بدون علم
ويدفن تحت أكوام الرمال
وما أعمارنا إلا شموس
وهل للشمس بد من زوال
أمر على المقابر كل حين
ولا أدري بأي الأرض قبري
وأفرح بالغنى إن زاد مالي
ولا أبكي على نقصان عمري
رحم الله عمي الغالي بوزياد، أسأل الله أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى.
[email protected]