ذات يوم سألت أحد الإخوة العرب الأعزاء، لماذا العمل الحكومي لديكم متأخر عن الركب؟ فقال هناك أسباب كثيرة من فساد إداري ومالي وغيرها، ولكن أحد هذه الأسباب تكمن بعقليات قادة العمل الحكومي بالمؤسسات.
فقلت له كيف؟ فأجاب: «بص حضرتك» عندما تتحول (الاختلافات) المهنية وفي وجهات النظر إلى (خلافات) شخصية بينهم هنا تكون المعضلة، فبهذه العقلية لن نتقدم.
ويكمل: عندما تكون عقلية الندرة هي الطاغية عند هؤلاء (القادة)، فحتى أنجح لابد لغيري أن يفشل، فبدلا من التركيز على النجاح من خلال تحقيق الأهداف، يكون التركيز بالتصيد على أخطاء الطرف الآخر، وبهذه العقلية أبدا لن نتقدم.
وعندما يتحول الـ (لوبي) من مهني ولتمرير مشاريع مهمة أو إيقاف مشاريع ليست ذاي جدوى، إلى (لوبي) شخصي يجتمعون لتمرير مصالحهم الشخصية، وإرضاء غرورهم الزائف، ولتسويق انفسهم، على حساب غيرهم، فبهذه العقلية لن نتقدم.
وعندما تتحول الاجتماعات من أماكن لوضع النقاط على الحروف والتخطيط، إلى اجتماعات للاستعراض وإثبات شخصياتهم المنقوصة، وتصفية حساباتهم على حساب العمل، فبهذه العقلية أبدا لن نتقدم.
وعندما يظن القيادي أن الوزارة أو المؤسسة أو الإدارة أصبحت عزبته الشخصية وينسى انه بمنصب مؤقت لخدمة الناس وتسيير أعمالهم، فبهذه العقلية أبدا لن نتقدم.
وعندما تتحول بيئة العمل من بيئة تقاس على الإنتاجية إلى بيئة تقوم على القيل والقال، والتحول من مناقشة الأفكار إلى مناقشة الأشخاص، فبهذه العقلية أبدا لن نتقدم، وراح أخوي العربي يسرد المواقف ويسوق الأمثلة تلو الأمثلة. فقلت له كفى، وأدركت حينها لماذا واقعنا منذ سنوات يشابه واقع دولة هذا العربي المسكين، وأعتقد يقينا أننا إن لم نلحق أنفسنا ونعي ما يحدث لدينا سنلحق بهم! وعيدكم مبارك وتقبل الله طاعتكم، واسأل الله أن يكشف عنا هذه الغمة ويرفع عنا البلاء والوباء.
[email protected]
Al_Derbass@