الإنسان مهما بلغ من علم، ومهما وصل إلى اختراعات، يظل واقفا في محيط علم ضيق لا يتجاوز نفسه التي بين أضلعه، فالخالق جل جلاله أراد أن يرسل رسالة للإنسان مفادها أنه مخلوق ضعيف لا يعرف إلا القليل حتى عن نفسه.
وتظل المخترعات الإنسانية التي هي في الأساس تعتبر محاكاة للطبيعة من حوله قاصرة، مهما بلغت من تطور، ومهما كانت دقتها، فالإنسان الذي صنع كاميرا الفيديو محاكاة للعين البشرية، لن يستطيع مهما بلغ من قوة علمية، وإمكانات مادية أن يصنع عينا بنفس مواصفات هذه العين الربانية.
وعندما درس العلماء العين دراسة دقيقة وجدوا أن أعلى آلة تصوير احترافية رقمية في كل ميليمتر مربع عشرة آلاف مستقبل ضوئي، لكن في العين في الميليمتر المربع من الشبكية مائة مليون مستقبل ضوئي، من أجل أن نفرق بين ثمانية ملايين لون، ولو درج اللون إلى ثمانمائة ألف درجة لأدركت العين البشرية الفرق بين درجتين فسبحان القائل «ألم نجعل له عينين» «البلد 8».
لكل إنسان عينان ترى كل منهما نفس الشيء ولكن باختلاف بسيط في زاوية الرؤية مما يساعد على الرؤية المجسمة ووضعت كل عين داخل تجويف عظمي بالجمجمة مما يساعد على حمايتها، وكذلك أحيطت بوسائد دهنية داخل التجويف العظمي تعمل على امتصاص الصدمات.
فالعين آية من آيات الله - عز وجل - في الإنسان، وبها الكثير من المعجزات الربانية ومثال على ذلك، إذا سافرت مثلا إلى أحد البلاد الباردة، والتي قد تصل درجة الحرارة فيها إلى أقل من 65 درجة مئوية، فلابد أنك ستلبس معطفا، وتغطي رأسك، وكل جسمك خوفا من التجمد إلا عينك فإنك لن تستطيع أن تغطيها، ومع ذلك فإنها لن تتجمد هل سألت نفسك يوما لماذا لا تتجمد العين؟ والإجابة لأن الله - سبحانه وتعالى - أودع في ماء العين مادة مضادة للتجمد.
فسبحان الخالق المبدع الذي خلق الإنسان فأبدع في خلقه، وحفظنا جل علاه في أحسن صورة، وأتم خلقه، يقول تعالى (ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم (6) الذي خلقك فسواك فعدلك (7) في أي صورة ما شاء ركبك) «الانفطار».