ثمة علاقة قوية بين دراسة الطب، والإيمان بالله أكثر وأكثر عن طريق العقل، وليس النقل فقط، فالطبيب هو ذلك الإنسان الذي يشاهد بصفة يومية عظمة الخالق في خلقه، هو ذلك الإنسان الذي يتفكر في خلق الله ليل نهار تدعمه في ذلك أدلة جلية، وبراهين عملية على الخالق المبدع جل شأنه وتقدست أسماؤه القائل في كتابه (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) «الذاريات 21».
لذا، فنحن الأطباء من أكثر الناس إيمانا بأن الخالق - عز وجل - لم يحرم شيئا إلا وبه ضرر، ولم يحل إلا الطيبات من الرزق، فها هو العلم الحديث يؤكد من خلال عدة دراسات أن العنف مرتبط بشرب الخمر، فقد خلصت دراسة أجريت على مجموعة كبيرة من المجرمين واللصوص إلى أن جرائم العنف بين المراهقين ترتبط بشرب الكحوليات في سن مبكرة، وتقول الدراسة إن الذين ارتكبوا جرائم عنف أيضا قالوا إن نسبة شربهم للكحوليات تساوي ضعف النسبة التي يشربها أصحاب الجنح غير المرتبطة بأعمال العنف.
ومن هنا يتضح لنا عظمة الدين الحنيف الذي يحرم تناول الخمر، ليحمي المجتمع الإسلامي من آثاره وسلبياته وأضراره، ولكي ينعم ذلك المجتمع المسالم بالصحة النفسية السوية التي تؤهله للعمل، والعبادة، والسعي السليم على الرزق لممارسة مهمته الأساسية على الأرض، ألا وهي خلافة الله عليها.
يقول الله تعالى في تحريم الخمر (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ـ المائدة: 90-91).. فهذا النداء الرباني العظيم الذي ينهى فيه عن شرب الخمر فيه سعادة الدنيا، ورضاه سبحانه وتعالى في الآخرة إنه نعم المولى ونعم المصير.
ويتبقى لنا أن نذكر أن الابتعاد عن الخمور والمخدرات هو بمنزلة ابتعاد عن أمراض ترتبط بهذه المسكرات، خصوصا أمراض الكبد أعاذنا الله وإياكم من كل الأمراض، وأبعدنا وإياكم عن كل ما نهى الله.