كلّف الله سبحانه وتعالى بني آدم بحسن رعاية الذرية وإصلاح النسل، فالأبناء الذين يرزق بهم العبد نعمة من الله عز وجل، فعلى العبد شكر الله سبحانه وتعالى.
قال سبحانه وتعالى (يوصيكم الله في أولادكم) سورة النساء رقم (11) وصلاح الوالدين وأعمالهما الصالحة عظيم الأثر في صلاح الأبناء ونفعهم في الدنيا وفي الآخرة، وكذلك الأعمال السيئة والموبقات التي يقوم بها الآباء والأمهات أثر سيئ على تربية الأبناء، وتأديب الأبناء منذ الصغر فيه صلاح للمجتمع، فحين يبلغ الطفل خمس سنين يربى على السلوكيات والأخلاق الحميدة ويتعلم القراءة والكتابة والحفظ فإنه يثبت ويرسخ في ذهنه وتصرفاته.
إن الآباء لهم أفضال كبيرة على أبنائهم فهم قدموا لهم الأشياء التي يحتاجونها، وهذه الأشياء دين في أعناق الأبناء وعليهم رده وبخاصة في الكبر، فهذه الحقيقة ينساها بعض الأبناء فيعاملون آباءهم معاملة سيئة وطاعة الأب والأم واجبه.
أطع أباك، فإنه رباك في عهد الصغر وأخضع لأمك وأرضها، فعقوقها احدى الكبائر، والمؤدب التربوي يبدأ بنفسه بالإصلاح يعلمهم كتاب الله والعلوم النافعة، ويجب ألا يكرههم عليه فيملوه ولا يتركهم منه فيهجروه ولا يخرجهم من علم إلى غيره حتى يحكموه، فإن ازدحام الكلام في السمع مضلة للفهم، وعلمهم سير الحكماء وأخلاق الأدباء والاتقياء، وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء، وعلى الأبوين ألا يكثرا من الصياح والسباب والشتائم في البيت فيلتقط الأبناء منكما ذلك ولا تحدثا تناقضا أمام الأبناء ولا تضاربا في الآراء، قد تأتي الأم بأمر الولد ويأمر الأب بخلافه، فيقع الولد في الحيرة والاضطراب، فوحدا أمركما في كل الأمور على النافع للأبناء في الدين والدنيا، وعلى الأبوين ألا يخلفوا موعدا مع الأطفال ولا تكذبوا عليهم، فإنهم يتعلمون منكما الكذب وإخلاف المواعيد.
وأن يعلم الأب أولاده التأدب مع الكبار ويعرفهم بحقوق الكبار سواء من إخوانه الكبار أو من غيرهم كبار السن، فللكبير حق فكما أن الصغير يرحم، وهناك مؤثرات على تربية الأبناء من إخوانه واخواته في البيت وكذلك أقاربه وأصدقاؤه وزملاؤه في المدرسة وفي أماكن التجمعات وفي المؤسسات التربوية ووسائل الإعلام وأجهزة التواصل الاجتماعي، لذا يجب على الوالدين ملاحظة هذه المؤثرات على سلوكيات الأبناء وعلى تصرفاتهم.
وليأخذ الأبناء حظهم من علوم الدنيا بما ينفعهم، وأن تتابع سيرتهم بالنصح والتذكير والإرشاد وحثهم على مجالسة الحكماء والعلماء والحث على الخير والمعروف واتقاء الشرور سواء كان الأنباء صغارا أو كبارا، وليؤدب الأب ابنه بسائر الآداب الإسلامية وما فيها من أخلاق سامية رفيعة كآداب الطعام والشراب واللباس وصدق الحديث والوفاء بالوعد والشجاعة والكرم، وليوصِ الأب ابنه بلين الجانب تجاه قومه ويتواضع لهم، وأن يبسط وجهه من أجل طاعته، وليكن كريما بماله لمن يستحق، وأن يعين من استعان به وإكرام الضيف حق وواجب عليه، فصلاح الأبناء من صلاح الآباء والمربين، وبصلاحهم له الأثر الكبير في نهضة وتقدم مجتمعهم ووطنهم.
[email protected]