تعتبر قناة السويس شريانا حيويا مائيا عالميا ملاحيا رئيسيا يربط جميع القارات آسيا ـ أوربا ـ أفريقيا ـ وأستراليا والأميركتين، ويربط بين الشرق والغرب من القارات لدول قارة أوربا ذات الثقل الصناعي والنفوذ الاقتصادي والنشاط التجاري وبين قارة آسيا والتي تنتج مواد الخام على مختلف أنواعها وكذلك مع قارة استراليا.
ويمر في قناة السويس 30% من حاويات الشحن ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية لجميع السلع وتربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، وأغلب السفن التجارية وناقلات النفط تفضل طريق الملاحة عبر قناة السويس لأنه أقصر الطرق بين الشرق والغرب وتختصر المسافة والزمن لدرجة كبيرة وبالتالي يقلل من نفقات الشحن والنقل. وقد مرت قناة السويس بعدة أزمات منها الحروب والصراعات الإقليمية كحرب 1956م وحرب يونيو 1967م وأغلقت القناة وتعطلت الملاحة عبرها لذا اضطرت السفن إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح في جنوب قارة أفريقيا ومن ثم زادت المسافات والزمن وارتفعت نفقات الشحن والنقل ارتفاعا كبيرا حتى سنة 1975م عندما افتتحت القناة.
وظهرت أزمة جنوح سفينة الحاويات الضخمة إيفرغيفن في شهر مارس الماضي لسنة 2021م واستغرقت فرق الإنقاذ المخصصة قرابة أسبوع لتحريكها. وتعتبر قناة السويس مهمة جدا لجميع دول قارة أوربا وقارة آسيا ولدولة الهند أهم طريق تستخدمه لتجارتها مع أوربا والتي نقدر بحوالي 70% من مجموع تجارتها ولدول الخليج العربي في نقل النفط الخام منذ سنة 1949م ومما يزيد أهمية قناة السويس تزايد حركة نقل البضائع لوجود دول مزدحمة بالسكان وتتوافر فيها الأسواق مما يتيح للسفن أن تفرغ حمولتها وتشحن بضائع من جديد ولازدياد تطور أحجام السفن ومضاعفة حمولتها وازدياد حركة الملاحة عبر القناة استمرت عمليات توسيع وتعميق القناة لمواكبة تطور السفن وأساليبها وأحجامها.
عند افتتاح قناة السويس في سنة 1869م كان عرض القناة لا يتجاوز 70 مترا فقط أما اليوم فأصبح عرضها واتساعها من 180 متر إلى 200 متر وطول القناة 161 كم وغاطسها بلغ في سنة 1998م 58 قدما لذا أصبحت القناة تسمح بمرور السفن الضخمة والتي تزيد حمولتها عن مائة ألف طن. بعد حرب أكتوبر سنة 1973م أخذت بتوسعة القناة بحيث يمكن للسفن العملاقة المرور فيها. وقناة السويس ساهمت في انتعاش الاقتصاد المصري وإحياء مدن جديدة مثل مدينة السويس وإنشاء مدن جديدة مثل الإسماعيلية وبور فؤاد وبورسعيد، وتوسعت في هذه المدن الرقعة الزراعية وبموقع مصر الجغرافي المميز وإشرافها على مسطحات وبحار وممرات وخلجان مائية مهمة تعتبر قوة جيوستراتيجية تتجلى في منظومة بحرية تجارية.
لذا يجب تطوير الموانئ المصرية وتوسيع وتعميق القناة باستمرار لمواكبة التقدم العلمي التكنولوجي والتطور الكبير في أحجام ناقلات الشحن التجارية وناقلات البترول وألا يتوقف نشاط قناة السويس لأي ظرف من ظروف الزمن حتى لا تكون جزءا من الجغرافيا الساكنة.
[email protected]