نعم الرفيق الونيس في ساعة الوحدة والغربة ونعم الزائر والنزيل وسلوة المهموم نغوص في أعماقه ونجوب أقاصي مجاهله، وعاء مليء بالورود والأزهار اليانعة النظرة الزاهية بألوانها البديعة بحمرائها وصفرائها حديقة غناء معبقة بالرياحين بمروجها وروابيها الخضراء المنبسطة تستهوي النفس والمشاعر، فيها الغذاء الشهي للفكر والروح وأشجار لا تذوي متباينة في أطياب ثمارها وأشكالها وألوانها نقطف منها ما تشتهي الأنفس، وعاء مليء بأعنة العلوم والعلم المفيد والظرافة والمزح والجد ينطق عن الموتى ويترجم كلام الأحياء، كاتم الأسرار وقبرها ومخزن الودائع.
وعاء مليء بالكلام المنمق والمغلف بالكذب والنفاق كأعاصير رياح العذاب القاصفة والعاصفة والعقيم والصرصر وكلام عذب برعد ذي صخب وبرق ذي لهب لتغيثنا بوابل من الأمطار برياح الرحمة كالمبشرات والناشرات والمرسلات والذاريات لتمتلئ الحياض والأنهار.
في جده عبر وحكم وفي مزحه الظرافة والونس، جمع أوصافا عديدة وبجميع اللغات منها الممتع والمضحك ومنها البكاء والدموع ومنها ما تشمئز النفس منه وتوجع.
فيها الكثير من المعارف والفوائد والوعظ والتجارب فيها القصص الجميلة التي تغشى على النفس وتزيح هموم الحياة وكدرها وفيها من الخيال الوثاب وقصص الأولين وتاريخهم بالماضي التليد.
فالكتاب هو الصاحب والصديق والمعلم والمدرك والزاهد والواعظ والطيب والشجاع والكاذب والصلف والمشاغب وصاحب الجدال والغثيث وغير ذلك، فإن كنت صديقه ورفيقه أمتعك وصقل موهبتك الفكرية والعلمية وبسط لسانك بالفصاحة وجود بيانك بالبلاغة وفخم ألفاظك ورفع قدرك.
وزهر البستان والروابي قد تجلو عن الأبصار والأفئدة ما ران عليها من الأقذاء، وبستان الكتب يجلو العقل ويشحذ الذهن ويحيي القلب ويقوي القريحة ويستثير دقائق القلوب والسلوى في الخلوة والمؤنس في الوحشة ويضحك بنوادره وطرائفه.
لننهل ونقتبس من العلوم والمعارف ونغوص في أعماق بحور الكتب لنستخرج الجواهر والدرر والكنوز من العلوم النافعة والمفيدة ولنكن أصدقاء الكتب.
[email protected]