الكويت بلد ذو مساحة صغيرة ولكن كبيرة بفعل رجالها الأفذاذ بما قدموه من أعمال جليلة وطيبة في زمن غاية في الشقاء والتعب وشظف العيش وشح المياه وندرتها وكفاحهم المستمر المرير من أجل البحث عن لقمة عيش هانئة وكريمة.
فالبحر كان هو عماد حياتهم وهو الأساس في تكوين الكويت فامتهنوا حرفة الغوص والبحث عن اللؤلؤ وحرفة صناعة السفن الشراعية وحرفة التجارة النقل التجاري وصيد الأسماك وغيرها من الحرف وكان لديهم أسطول كبير من السفن الشراعية لاستخراج اللؤلؤ من البحار منها البتيل والبغارة والجالبوت والسنبوك والسفن الشراعية للنقل البحري التجاري منها البغلة – البوم السفار وغيرها.
كانت لهم دراية وتمرس بأجواء علوم البحار والنجوم والفلك ومهنة الغوص كانت لها مواسم معينة تبدأ من شهر أبريل إلى نهاية أشهر الصيف والتي غالبا ما تكون في نهاية شهر أغسطس. أما الرحلات التجارية فقد سيرت شعوب منطقة الخليج العربي الرحلات التجارية وبرعوا في التجارة والنقل البحري بنقل التمور من البصرة وعبر مياه الخليج العربي لتتوقف في موانئ السعودية وفي موانئ البحرين وقطر والإمارات وموانئ بر فارس في لنجة وقشم وبندر عباس ثم عبر مياه خليج عمان وبحر العرب لتتوقف في ميناء مسقط في سلطنة عمان ثم ميناء كراتشي في باكستان ثم تمخر عباب المحيط الهندي لتصل إلى الساحل الغربي للهند لتتوقف في ميناء بومباي في الهند ثم بحر العرب لتتوقف في ميناء عدن في اليمن ثم المحيط الهندي إلى الشواطئ الشرقية لقارة أفريقيا للتوقف في موانئ ممباسا – لامو – مالندي في دولة كينيا وكذلك تتوقف في زنجبار تانزانيا وذلك في الفترة التي تهب منها الرياح الشمالية الشرقية وفي جميع هذه الموانئ تفرغ السفن حمولتها من التمور وغيرها، ثم تتزود تلك السفن الشراعية من الأخشاب كخشب الجندل حيث كان الكويتيون يستخدمونها لتسقيف المنازل وخشب الخيزران وكذلك اللبان والحبال المصنوعة من ألياف جوز الهند والبهارات وغيرها وتعود تلك السفن الشراعية التجارية مع هبوب الرياح الجنوبية الغربية من شهر مارس إلى شهر يونيو ويقفل الكويتيون عائدين إلى الكويت وبعضهم إلى الهند، وكثير من تجار الكويت الكرام فتحوا لهم مقرات ومكاتب تجارية في تلك الموانئ مثل دبي ومسقط وكراتشي وبومباي وممباسا ومالندي وزنجبار وكثير منهم استقر وتكيف وتأقلم مع شعوب تلك المناطق وكل ذلك من أجل توفير لقمة العيش وخاصة في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، وكان أحد أبناء عمومتنا قد استقر في مدينة ممباسا ولامو منذ ذلك الزمن البعيد في الأربعينيات من القرن الماضي وتأقلم وتكيف مع تلك المناطق الواقعة على الساحل الشرقي لكينيا.
(يتبع).
[email protected]