شجرة النخلة الجميلة والشامخة والباسقة في طولها حتى تكاد تعانق عنان السماء هي كالفتاة الفائقة الجمال والمدللة صعبة المنال لصعوبة جني ثمارها الحلوة وهي كالشهد «التمر» بسبب ارتفاعها وقد يصل طولها إلى الثلاثين مترا، تتباهى في جمالها بأوراقها الريشية ذات الحجم الكبير بأفرع سعفها الخضراء التي تسر الناظرين وتتمايل بخيلاء عندما يداعب الهواء العذب والعليل بأوراقها الريشية الخضراء.
شجرة النخيل هي من الأشجار المعمرة والمباركة ومعروفة منذ أقدم العصور ولها ذكر في الحضارات القديمة كحضارة وادي الرافدين السومرية والبابلية وغيرها وكذلك في حضارة وادي النيل وحضارة دلمون وجلفار وفي شبه الجزيرة العربية وبلاد المغرب.
وتجود أشجار النخيل في الأجواء المناخية الصحراوية والمدارية الحارة وجذورها لابد أن تروى بالمياه العذبة، وكما يقول العراقيون: «يجود النخيل بثماره الطيبة إذا كانت أقدامه في الماء ورأسه في جهنم».
والجو الحار يساعد على نضوج التمر وهي سيدة الشجر المثمر وكأنها عروس تتحلى بعذق التمر كأنها قلائد من ذهب.
وتترسخ جذورها في الأرض والحياة والتاريخ معا، ولم تغب تلك الشجرة عن كتب الأديان السماوية ولها أكثر من ذكر في القرآن الكريم منها «والنخل باسقات لها طلع نضيد» سورة ق آية رقم 10.
فالنخلة قريبة من قلب العربي ووجدانه وجذوره من جذورها فصارت مهيمنة في مواضيع الشعر وذكرها الكثير من الشعراء في العصور القديمة والحديثة مثل امرؤ القيس وأبوتمام والبردوني وجرير وأبي العلاء وأحمد شوقي وكذلك بدر السياب والجواهري وغيرهم الكثير.
والعربي جعل من النخلة رمزا للتسامي والرفعة عن قبيح الصفات ودعا أخاه الإنسان لأن يترفع عن الحقد وأن يجازي بالسيئة حسنا فقال:
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعا ... يرمى بصخر فيلقي أطيب الثمر
ووصفها أمير الشعراء أحمد شوقي في قصائده، إن النخلة لم تبخل يوما وإنها ظلال الهاجرات وأن ثمرها طعام الفقير وحلوى الغني. وتحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الأولى في زراعة النخيل وإنتاج التمور وتمتلك أكثر من 28 مليون نخلة تتركز في منطقه الأحساء والرياض وحائل والقصيم والمدينة المنورة.
وفي العراق تتركز زراعة النخيل عند شط العرب ونهري الفرات ودجلة وهي تمتلك أكثر من 22 مليون نخلة.
والتمر له فوائد كثيرة لما يحتويه من العناصر الغذائية المفيدة لصحة الإنسان مثل البروتين وأملاح البوتاسيوم وهي من الأغذية التي يمكن حفظها وتخزينها.
وهناك الكثير من الأصناف والأشكال مثل البرحي والخلاص والسكري والصقعي وغيرها. والتمر من الغلات النقدية المهمة بعد البترول.
وأشجار النخيل المباركة تختزل قساوة الأجواء الحارة والشمس الحارقة بتمرة ذات مذاق حلو صعبة المنال لصعوبة نوالها لارتفاعها في أعلى قمة الشجرة.
وقد تصنع الجمال وحلاوة ثمارها من شكلها وسعفها ووهج الشمس الحارقة فتقف أشجار النخيل صامدة أمام تلك الأجواء القاسية من أجل إنضاج تمرها.
شكرا لك أيتها النخلة الجميلة الباهرة والشامخة وبكرمك وجودك وعطائك اللامحدود من ثمارك الطيبة والحلوة المذاق وهي كالعسل وعلى مختلف أشكالها وأصنافها.
يا موطن البلابل بتغاريدها الشجية ويا واحة الصحاري برونقها لننعم من ظلالك الوارفة وقت الهاجرة والقائلة.
[email protected]