نُعي إلينا صباح يوم الجمعة 5 فبراير 2021م رجل من أولئك الرجال الذين أحتفظ لهم بمكانة خاصة في نفسي، إنه الأستاذ المايسترو سعيد البنا الذي عاش في الكويت فترة طويلة من الزمن ثم اضطر للمغادرة، حيث اشتد به المرض في وطنه مصر، مما أدى إلى وفاته مأسوفا عليه.
ولقد قام خلال وجوده بيننا بأعمال كثيرة في مجال تخصصه، فدرّس وأشرف واشترك في الأعمال الفنية الوطنية، وأمضى وقتا كبيرا وهو يؤدي كل ما اشتهر به من فن راق، بناه على ما تعلمه في بداية حياته، ثم ما أتقنه من فنون الموسيقى الكويتية.
لقد حاولت قدر المستطاع أن يأخذ هذا الرجل المخلص للوطن حقه من التقدير والرعاية في سنواته الأخيرة، دون جدوى.
وهذه القصيدة قلتها في يوم وداعه، وهي تعبر تعبيراً كاملاً عن كل ما حدث منه وله، كما تعبر عن اعتزازي الشخصي به وتقديري الخاص لجهوده التي كان يؤديها منذ أوائل ستينيات القرن الماضي. رحمه الله.
وَتَرٌ بِكُل فُتُونه رَنّا
ما كان أعذبه لنا لَحْنَا
قد صارت الدنيا تُصيخُ له
رَدْاً الضحى وإذا الدجَى جَنا
يا صاحب الفن الجميل ويا
رب اللحونِ وصانع المغْنَى
يا من ملأت نفوسَنَا طرباً
فَأزَحْت عَنَّا الهم والحُزنا
يا من ملأت حياتنا مَرَحاً
وعلى نشيدك كُلنا عِشْنَا
قد صِغْت ألحاناً مُجَنّحَةً
مما يفيض على الدنا حُسنَا
أوَ مَا رأيْتَ الناسَ ساهمةً
تُصغي إليك تُرَدِّدُ المعْنى
ولْئن نظرت إليْهِمُ نَظَرت
عيناكَ ثَمَّ أباً لَهُمْ وابنا
حَفت بك الآمال يجمعها
عشقُ الفنون ودُرها الأسنى
إن قيل مَنْ مَلَكَ القلوبَ ومن
صِرْنَا لِحُب فنونه رهنا
قلنا الذي قد كان سؤلَكُمُ
من دون تأخير هو البنا
***
يا من عزمت على الرحيل ألا
إن الرحيل عَذابُنا الأدنى
قد كنتَ فينا ما لقيت سوى
وُدٍّ وكم كنا به بُحْنَا
لا تحْسَبِ الأسفار تَحْجِبُهُ
أو أننا عن حقه تُهنا
فاذكر رفاقك يا سعيد فما
أحلى العلائق بالهوى تُبْنَى
واذكر زماناً كان يجمعُنا
فنعيش فيه كيفما شئنا
أسعيد إن جار الزمان ولم
تلقَ الذي ترجو به الأمنا
وبذلت جهداً لم يَجِدْ أبداً
قلباً يُلبي أو يَجِدْ ذِهْنا
هُم ضيعوا تلك الوعود وأخلفوا
بُعد المسافة والمدى عنا
أنت الأحق بها وإن أخطأتها
وحُرمتَ أنت، لذلك سامحنا
ولسوف تبقى إذ حُرمت لَنا
وتَظَل رغم جُحُودِهمْ مِنا
ويظل في الأذهان ذكرُك ما
دار النسيم وداعبَ الغُصْنَا
الوُد باقٍ والوفا قَدَرٌ
لم يفلح الواشي بما ظَنا