كثير من الناس يطمحون إلى تملّك الأموال والغنى، ولكن لا يملكون فن الصبر على الادخار ولو في القليل منه، يلقون بناظرهم يمنة ويسرة يرون ذاك ممن يركب أفخم السيارات وتلك التي ترتدي أغلى الماركات وآخرين ممن يتنقلون من بلد إلى بلد بالدرجة الأولى فيزدرون نعم الله مما لديهم ولا يقتنعون بها، ويصيبهم من الحسرة، ما يجعلهم يحاولون تقليد ما يرونه فيبذرون ويسرفون أموالهم أكثر مما يدخل عليهم أو يريدون أن يتكلم الناس عنهم ويمدحهم ويلفتون نظر الناس إليهم.. ويظهرون بصورة مغايرة لحالهم.. فيضعون على كاهلهم القروض والمصاريف التي تزيد عن دخلهم، ومن ثم يتشكون من ضيق الحياة وأن دخلهم ورواتبهم لا تكفيهم إلى آخر الشهر!
تقول إحدى المغنيات إنها كانت تصرف مالها في كل شيء وفي كل ما تريد من المشتريات والسفر والانبساط، حتى رأت من في وسطها ممن حدث لهم مكروه وانغلقت الأضواء من حولهم وتلاشى الناس عنهم وأصبحوا ذكرى قديمه للناس، ويريدون أن يتعالجوا من الأمراض والأسقام والأوجاع ولكن للأسف لا يملكون أقل المال ليتعالجوا منه، بسبب التبذير وعدم العقلانية في محافظتهم لأموالهم فاتخذت قرارا: في خلال 5 سنوات الذي تدخله من الفن لا تصرف منه شيئا.. وقطعت جميع كروت البنك.. دون مشتريات ولا سفر ولا انبساط، وبعد 5 سنوات من الصبر في جمع الأموال والحرمان اشترت بما ادخرت عقارا وغيره ليكون لها سندا.
فخلاصه هذا الدرس أن الإنسان لا يكون ممن يصرف كل ما لديه بإسراف وتبذير إلى حد الغباء فلا يدخر منه حتى القليل.
فقد قال الله سبحانه: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).
وقال: (ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين).
وأعطى درسا عظيما للبشرية فقال: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط).
لا تشتري جميع ما تشتهيه وجميع ما تراه.. (وقسّم مشترياتك حسب احتياجاتك) واجعل لك مبلغا في حساب آخر تقوم بتحويله في مع بداية نزول الراتب، لا تصرفه أبدا، ولو الثلث أو الربع من دخلك.
في البداية ربما يكون أمرا صعبا عليك لأنك اعتدت على الشراء ولكن مع الاستمرار سترى بعد شهور وسنين بأن هذا المبلغ القليل يصبح كثيرا، وستصبح بعد ذلك عندك عادة وسترى ما كنت تصرف مالك عليه ليس إلا شيء كنت تفعله لست لأنك بحاجة إليه وإنما كانت للبحث عن السعادة اللحظية.
والأهم إذا جمعت مبلغا من المال لأي حاجة من الحوائج وحال عليه الحول يجب عليك إخراج زكاته، فالزكاة تبارك في المال وتزيده وكذلك الصدقة قال صلى الله عليه وسلم: «ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه».
اللهم أكثر مالنا وأولادنا وأصلح حياتنا على طاعتك وقنعنا بما رزقتنا وبارك لنا فيه وأغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك.