ذات مرة كنت أتجول في أنحاء البلاد انظر لأحوال الناس.. أتفقد هذا وأنظر لذاك.. أنظر لذلك الشاب وقته بين المقاهي والأسواق.. وتلك الفتاة بين المطاعم والكافيهات.
ذهب عقلي يمينا وشمالا.. ما بال حال الناس من انحدار إلى انحدار.. فما وجدت إلا سببا واحدا يجعلهم بهذا الحال أنها «وقت الفراغ.. والبطالة» ولا أخفيكم فكنت ألومهم مع من يلومهم.. بأنهم «شباب طايش» وبعد التفكير أيقنت أن الخلل ليس بهم.
الخلل بوقت الفراغ الذي يعانون منه.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ» وإذا كان الفراغ في حياة الشاب كان الفساد به أكبر.
فالشاب كما قيل: «قوة بين ضعفين» الطفولة والشيخوخة فإن لم تستقل بالحلال استقلت بالحرام.
فهذه رسالة إلى كل راع يخاف الله في رعيته.
الأهل في المقام الأول في أبنائهم.
والمسؤولون في المقام الثاني على شبابهم.
1- للأهل: لا تجعلوا للشاب «المراهق» وقت فراغ حتى لا يتسلل إليه الشيطان من كل باب.. أملأوا وقت المراهق بالهوايات التي يستهويها.. ادخلوه أنديه.. أملأوا وقته.. فكل أحد وإن كان يملك من الفساد ما يكفي لبلد! إن لم يجد وقت فراغ صلح أمره.
2- للمسؤولين: لا تجعلوا البطالة تنتشر فصلاح البلد بصلاح شعبه وفساده بفساد شعبه.. وفروا لكل محتاج العمل التي يعينه على نفسه وتملئ وقته وتستنفد طاقته.. «فالشباب» ثروة وعدم استغلال هذه الثروة تعتبر خسارة عظيمة، وكم من دول نظرت إلى شعبها على أنه ثروة واستفادوا منها فتقدمت واغتنت، وأقر بمثال على ذلك الصين ومن قبلها اليابان.
ولقد نبه سيدنا عمر بن الخطاب أحد ولاته على هذا المعنى ناصحا له بتوفير فرص عمل لرعيته قائلا: «إن لم تشغلهم بطلب الحلال شغلوك بطلب المعصية).
وهذا جعل من مسؤولية الحاكم والمسؤول أن يوفر فرص عمل لرعيته، يقول صلى الله عليه وسلم «كلكم راع وكلم مسؤول عن رعيته» وقال عمر بن الخطاب لأحد ولاته «إن الله استعملنا على الناس لنوفر حرفتهم ونستر عورتهم».
وقال النبي صلى الله عليه وسلم «النفس إذا أحرزت قوتها استقرت فكل نفس لها مواهب ومواطن قوة سواء حرفية أو مهنية أو إدارية أو بحثية، فإذا وضعت هذه النفس في غير موطن قوتها وتميزها أو لم تفرغ قوتها من أساسه فيكون عدم الاستقرار وكثرة المشاكل..
واختم مقالي لكل مسلم غيور على بلده ودينه أن يجتهد قدر استطاعته على إيجاد حل لهذه المشكلة ويكون رائده قول الله تعالى (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله.....).
[email protected]