كان هناك رجل انعم الله عليه بالمال والأبناء والجاه، وكان بيته لا يخلو من الناس، من يطلب وده، ومن يحاول يكسب معرفته، وفجأة خسر هذا الرجل المال والبنين والصحة، وأصبح طريح الفراش، فتخلى عنه أصحابه وتولى عنه من كان حوله بالأمس، ولم يسأل عنه أحد، بعد من كان الجميع ينتظر كلمة منه!
لم يبق معه إلا زوجته، فعلم أنها هي الصاحب حقا، فنعم الزوجة ونعم الصاحب، إنه نبي الله أيوب عليه السلام.
وأنا لست هنا لأسرد سيرة نبي الله أيوب، ولكن لنعتبر من قصته وأزمته، وكيف عندما كان بعزته وقوته كان الجميع حوله ويطلب رضاه، وعندما خسر كل شيء تخلوا عنه، فهذا حال كثير من الناس، يأتون لمصلحة ويذهبون عندما تنتهي المصلحة، فهم ليسوا أصحابا وإنما أناس حولك لمصالح في نفوسهم، إذن: من «الصاحب»؟ مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحنا نعد أصحابنا بكثرة من يتابعنا.
«الصاحب» يا سادة هو من إذا مررت بمصيبة كان أول من يأتي على بالك، الذي إذا أصبحت طريح الفراش كان أول من يأتيك، وإذا ضاقت عليك الحياة كان أول من يفرج عنك همك، الصاحب يا سادة هو أنت بجسد ثان.
يكون لك أخا من أم أخرى، يحب لك الخير كما يحبه لنفسه، يأخذ بيدك لطريق الخير، وإن كان يفعل الشر، مفاتيح للخير لك، مغاليق للشر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من الناس ناسا مفاتيح للخير، مغاليق للشر»
فليس الصاحب الذي تتفسح معه، وتضحك معه، ويكون ملازما كخيالك في (السراء)، ولا تظن أن المصيبة إذا تعطلت مركبتك أسرع إليك لمساعدتك فهذه ليست مصيبة ولا مشكلة يا صاحبي، ولا الذي يؤدي واجبات اجتماعية وفي نفس يعقوب شيء آخر.
ولا تحسبوا مقالي هذا أني اعدم الخير من الناس، فكلامي للبعض، فالتعميم من صفات الجهلاء، ولكن أريد من خلال مقالي هذا أن يبصر الناس من أصحبه ومن أعرفه ومن يريدني لمصلحة، فليس كل من اعرفه اتخذه صاحبا لي، فأكثر ما يدمر الناس من يصاحبهم من الناس، فها هو عم النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطق الشهادة بسبب أصحابه من حوله! وكم من شاب هلك بسبب من يصاحبه فيزين له سوء عمله، وكم من فتاة تشردت وفقدت حياءها وسترها بسبب بغي أرادتها مثلها.
قال الله تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا).
نحن بشر نخطئ ونصيب، نسيء ونحسن، فالإنسان ضعيف فلا تسلط عليك من لا يخاف الله فيك، فكم من رجل وامرأة علا وأصبح له شأن بسبب صحبته وكم من هلكوا بسبب صحبتهم!
فاسأل الله في نهاية مقالي هذا أن يجنبنا أصحاب السوء ويجعلنا صالحين ويقربنا من المصلحين.
twitter: @Y_Alotaibiii
Email: [email protected]