قبل 10 سنوات عمل أحد أصدقائنا حادثا أمامنا، وكان ابن عمي (عبدالرحمن العتيبي) يبكي عليه بكاء شديدا خوفا عليه ومحبة له، وتم إسعافه إلى مستشفى مبارك وجلسنا حوله إلى الفجر.. والحمد لله تمت معالجته. وفي 31-8-2019 الفائت بعد 10 سنوات يصاب عبدالرحمن بحادث مروري ويتم نقله لنفس المستشفى ونجلس حوله إلى الفجر ويتوفى بعدها، رحمه الله، لقد مكث في إصابته 15 ساعة، وإن شدة الموت للمؤمن إما أن تكون زيادة في حسناته أو تكفيرا لسيئاته..
كتبت مقالا عن عمي الراحل (عدنان جاسم العتيبي) بعنوان علمني عمي..ولم أعلم يوما أني سأفقد ابنه وسأكتب عنه..عن أخي وحبيبي (عبدالرحمن عدنان العتيبي)..رأيته في العيد..وعندما رآني مدحني بمقالة أبيه وشكرني..لم أتخيل ولم أعلم أني سأفقده وسيرحل عن هذه الدنيا..
لم أكتب هذا المقال جزعا من أمر الله ولا اعتراضا لحكمته، ولكنه إيمان وطمع في كرم الله سبحانه وتعالى أن يغفر لحبيبي عبدالرحمن العتيبي لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم: «أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان، ثم لم نسأله عن الواحد».
وعبدالرحمن في فتره من الفترات كان معي لا نفارق بعضنا البعض 24 ساعة..كان دائما يحب أن يسمع مني القرآن ولا ينتقدني أبدا ولو أني لم أكن متقنا جيدا للقرآن..ولا أعلم هل لأنه لا يريد أن يجرحني أم يرتاح عندما أقرأ له.. كنت عندما أتكلم معه في أمور الدين يستمع لي جيدا ولا يقاطعني..
كان دائما يسألني عن أمور الدين ويقول لي أنا أفتخر بك..في يوم رأينا مقطعا للشيخ مشاري العفاسي وهو يقرأ قرآنا فزاد الأيمان عندنا أنا وهو
فكنا نذهب للمسجد مشيا ونرجع مشيا في جميع الصلوات وكنت أقول له عندما نذهب لصلاة الظهر والعصر في حرارة الجو الله لن يضيع أجرنا فلنحتمل ابتغاء مرضاة الله والأجر.
كان يصلي معي القيام ولا أحد يعلم بهذا..اخبرني أحد أصحابه قبل وفاته أنه رآه وقال له إني احب أن أستمع للشيخين بدر المشاري ومحمد متولي الشعراوي.
كان دائما يقف مع من يحتاجه..يحاول ألا يخيب ظن أحد به ولو على نفسه..إذا رأى أحدا في مأزق لا يقف مكتوف الأيدي..لديه حسن خلق يجعل من يجلس معه يحب مجالسته في كل مرة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وإنه لضعيف العبادة، وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل جهنم وهو عابد». جاء رجل الى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له: «يا رسول الله اني احب فلانا.
قال صلى الله عليه وسلم: هل أحخبرته؟ قال: ﻻ يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: اذهب واخبره أنك تحبه».
وهذا ما آلم قلبي حقا وكسرني بأنه ذهب، رحمه الله، ولم يعلم بمحبتي له وخوفي عليه..
ظننت أن العمر طويل وأنه سيأتي اليوم الذي يعلم فيه بمحبتي له وخوفي عليه ولكن الموت كان له أقرب..
هذه نصيحة للجميع وأكتبها بحسرة:
من تحبونه أخبروه بحبكم له..اهتموا بمن حولكم وتواصلوا معهم.. لا تتخاصموا بسبب زلات..ابتعدوا عن سوء الظن وصارحوا بعضكم..الدنيا قصيرة والموت يأتي بغتة..فوالله ثم والله ثم والله إن لم تفعلوا هذا مع من حولكم وفقدتموهم ستبكون عليهم بحرقة..
ولكن لا أقول إلا ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها.
(إنا لله وإنا إليه راجعون) وأسأل الله تبارك وتعالى أن يتغمده في رحمته ويغفر له ذنوبه ويوسع له في مدخله ويبرد تربته ويبدل سيئاته حسنات ويدخله الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب
يا رب: اجمعنا به وبمن نحب مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنات الخلد.
[email protected]
Y_Alotaibii@