قبل 6 سنوات كان لي صديق سألته ذات مرة: هل أنا فعلت يوم شيئا لم يعجبك أو أزعجك مني؟
فقال لي: مثل هذه الأسئلة يجب ألا تسأل، ولكن كان ظني في محله وصارحني بعد مدة من الزمن ان هناك بعض الأشياء لا يحبها وأنا أفعلها ولا أعلم.
أمثال هذا لا يملكون شجاعة المصارحة ولا أظن ان من تصارحه بأسلوب حسن من دون تجريح ولا أن تكون فظا سيتقبل كلامك وستزيد علاقتكم ببعض أكثر وسيتجنب كل منكم ما يكرهه في الآخر، وهذا ما فعله صديق آخر ذات يوم قال لي كلمة فأجبته فضحك وذهب.. في يوم آخر قال لي: ماذا كنت تقصد بهذه الكلمة لم أفهم مقصدك؟ فأجبته.. فقال لي: ظننت أنك قلت كلمة أخرى تحمل معنى آخر.. أسأت فيك الظن فضحكت وازدادت محبتي له وعلاقتي به أكثر.
الفرق بين الشخص الأول والثاني أن الأول من الجبناء ومن الذي ينتظر الزلّة والخطأ عليك حتى يتخلى عنك والثاني متمسك بك.. يريد أن يكون قلبه صافيا لك فيصارحك حتى يزول الشك عن قلبه، وللأسف كثر في الفترة الأخيرة ما حذرنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان قد أيس- وفي رواية: يئس- أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في (التحريش بينهم).
أصبحت العلاقات أقل عمرا من السابق، أصبحت القطيعة أسهل من التواصل، الكره أقرب لنا من المحبة، استصعبنا المصارحة فيما يجوب بخواطرنا تجاه بعضنا، يكره الرجل من زوجته بعض الأعمال والتصرفات فلا يصارحها حتى يأتي يوم ويحصل خلاف بسيط جدا ويطلقها فقط لأنه كان يحمل في قلبه تراكمات سابقة لم يصارح بها وهذا ما يحصل مع الجميع مع الأصدقاء، الإخوان، أبناء العم، الجيران، نحتاج إلى المصارحة ولا نجعل في قلوبنا ما يفسد علاقتنا بمن حولنا، نحسن الظن ببعضنا، نعذر بعضنا، نتمسك ببعضنا، نعفو عن بعض، نحسن أخلاقنا مع بعض.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة. فهذه الدنيا وجودنا فيها ليس إلا وقت يسير كما قال الله: (ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار).
فلنركن الخلافات والشحناء والبغضاء والكراهية والحسد، فهذه من عادات الشيطان وغاياته أن نتفرق ولن يزيد فعلنا هذا إلا سوءا لنا ولن تصفو حياتنا أبدا ولن نستمتع بها، لكن إن تمسكنا بكل خلق كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأمرنا به سبحانه وتعالى، ونعامل الناس معاملة ابتغاء لما عند الله من الجزاء، فهذه هي الحياة ستصبح الجنة في قلوبنا وسيرزقنا من كل الخير، سنرى جمال الحياة ويعوضنا سبحانه عن كل من أساء لنا.
رحم الله كل شخص: صارحنا وإن كان في صراحته ألم، ولكن يريد أن تستمر علاقتنا وغفر الله لمن انتظروا منا الزلّة وعوضنا خيرا منهم، واسأله سبحانه أن يهدينا لأحسن الأخلاق ويجنبنا سيئها وكما أحسن خَلْقنا يُحسّن أخلاقنا.
[email protected]
Y_Alotaibii