سابقاً نرى من الناس من يتكلم بكلام المثالية والزهد في التجمعات وأمام الناس عند لقائهم، ولكن مع تقدم الزمن وانفتاح العالم ومواقع التواصل الاجتماعي، أصبح الناس على طبقة واحدة بسبب ألسنتهم، فأصبح الجميع أبطالا وشجعانا ومثقفين ومثاليين وزاهدين في الدنيا، ولديهم ثوابت وقيم صحيحة وخوف من الله وإتيانهم أوامره واجتناب نواهيه.. وبدليل صدق أكثرهم منع عنا الخير والأمطار وكثرت الحروب وقحط الأرض والزلازل والقتل والشرور من حولنا، ولكن هذا الحال بين الناس بادعاء شيء ليس بهم.. ليس في العصر الحديث فهو من قديم الأزل حتى قبل بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فعندما توفي نبي الله موسى طلب بنو إسرائيل من النبي الذي أتى بعده أن يفرض الله عليهم القتال فلما فرض عليهم القتال تولى الكثير إلا قليل منهم، وذكرهم سبحانه في كتابه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).
فالكلام سهل جدا وجميعنا نستطيع أن ندعي ادعاءات ليست فينا.
أن ندعي الأمانة ولم تعرض علينا الأموال.
أن ندعي الشجاعة ولم نكن في ساحة قتال.
أن ندعي العفة ولم يعرض علينا الزنى.
أن ندعي الخوف من الله ولم تغلق الأبواب علينا بمعصيته.
أن ندعي الصبر ولم يبتلينا الله.
ما أقبح الإنسان عندما يتظاهر بأشياء ليست فيه بطلب الكمال لنفسه وحب مدح الناس له والله سبحانه قال: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
فالإنسان أبصر بنفسه.. قال سبحانه: (بل الإنسان على نفسه بصيره)، فلا تكون يا إنسان مجرد لسان، فمهما ادعيت من ادعاءات انت ابصر بنفسك وبأفعالك.
اجعل العالم يرى أفعالك وحسن سلوكك وفهمك وخوفك من الله، وكن في الدنيا وكأنما قطعت الألسن وبقيت الأفعال.. اسأل الله أن يجعلنا ممن يعمل بما يعلم وينفع بنا ويوفقنا لما يحب ويرضى.
Twitter ; Y_Alotaibii
[email protected]