لا يجحد إلا جاحد، ولا ينكر إلا ناكر، ولا يجادل إلا أهوج عن دور مصر، ولقرون خلت، في تنوير وتطوير وتنمية المجتمعات العربية والإسلامية وحتى دول العالم الثالث، حين غادرت مصر وفود من الأزهر وأطباء ومهندسون وحقوقيون وصيادلة وأهل فن وصحافيون للمساهمة في تطوير هذه المجتمعات، إضافة إلى الدور التنويري للاستيقاظ من غفلة الاستعمار والمستعمرين.
كيف لا، وهي الدولة الوحيدة المذكورة في القرآن الكريم والمصريون هم أخوال المسلمين من أمنا مارية القبطية رضي الله عنها، وهم الذين فتحوا ديارهم على أوسعها لاستقبال آل البيت عليهم السلام من اضطهاد الأمويين والعباسيين، فلا غرو أن يوصي الرسول عليه الصلاة والسلام بهم خيرا.
أليس هي التي أسست الأزهر الشريف كأول جامعة عالمية، ألم تكن ولّادة لرفاعة الطهطاوي ومصطفى كامل وأحمد شوقي وإمام الدعاة محمد متولي الشعراوي وعبدالباسط عبدالصمد وجمال عبدالناصر وهدى شعراوي، وهلم جرا.. ولن يكفي المقال لسرد هؤلاء ومن عظام آخرين كأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب.
وكان للكويت نصيب كبير من هذا العطاء المصري متمثلا بإرسال المدرسين والأطباء والمهندسين والقضاة والصحافيين وأهل الفن وشتى التخصصات يتقدم هؤلاء الفقيه السنهوري الذي ساهم بإعداد دستور الكويت وبدعوة من أميرنا صباح الأحمد عندما كان مسؤولا عن الإعلام بإحضار الدكتور أحمد زكي لإعداد مجلة العربي والتي صدر اول عدد منها في ديسمبر 1958، واستقبال زكي طليمات لإعداد المسرح الكويتي والأفاضل الدكتور عبدالعزيز كامل والدكتور احمد ابوالمجد وغيرهم ممن كان لهم باع وعطاء في مسيرة الكويت التنموية ولا ننسى في هذا الصدد تفضل الزعيم الخالد جمال عبدالناصر وما أدراك بعبدالناصر في الخمسينيات بافتتاح بيت الطلبة الكويتيين بالقاهرة بدعوة من وزير التعليم الشيخ عبدالله الجابر رحمهما الله، فهذا لا غرو لا يدع مجالا للشك بتقدير وحب الكويت لمصر والمصريين، وأنا شخصيا عندما أسأل أين تريد أن تقضي إجازتك أقول في القاهرة (وشعبها الطيب) ولندن (بثقافتها).
ما سردنا هو الجزء الأول من سورة الزلزلة: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره).
بيد أن فترة التسعينيات شهدت نمو بعض الطفيليات المصريين والذي كان جل همهم تزوير كل شيء إجازات السياقة والإقامات.. إلخ ولقد شهدت بنفسي حادثتين احداهما قيام احد المصريين في جهاز امني بإسقاط مخالفات الإقامة من الحاسوب مقابل مبلغ ومهندس مصري آخر يحضر لك خرائط من إدارته لإخبارك عن الاراضي الميرية غير المستغلة لادعاء ملكيتها وقد يقال ان كل ذلك تصرف شخصي وهنالك العديد غيرهم.. وهذا صحيح.
الا ان ام التزاوير والتي انكشفت في الاسبوع الماضي بوجود مصري في نظام معلومات وزارة التعليم العالي والذي وبمساعدة آخرين في جامعات مصرية عريقة مثل القاهرة والإسكندرية والزقازيق بإرسال شهادات مزيفة على مستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في عدة تخصصات مقابل مال، حيث اعترف بأنه خلال السبع سنوات الماضية زور 600 شهادة مستلما 3 ملايين دينار كويتي (ما يعادل عشرة ملايين دولار) ولا عجب ان نرى رئيس جامعة الأزهر سابقا يشارك في منح دكتوراه على ذلك النمط.
وإننا لنعلم ان المباحث المصرية من اقوى المباحث، فهل كان للحكومة المصرية علم بذلك، فإن لم تعلم فهي مصيبة، وإن علمت الحكومة المصرية بذلك فالمصيبة أعظم، ونحن كأهل الكويت المحبين لمصر نقول بلسان حالهم ربنا لا تؤاخذنا ولا تهلكنا بما فعل السفهاء منا فعلى الحكومة المصرية ان تنهض من سبات مثل هذا التزييف وتضرب بيد من حديد لتعود مصر كما ذكرت في صدر مقالي هذا.
[email protected]