[email protected]
كل رجل فيه غيرة كامنة في قمقمه فلا توقظوا ماردها!
كتبت في 10-11-2020 عن «غيرة النساء بالزمن الكوروني»، وفوجئت بأكثر من 15 إيميلا نسائيا تطالبني بأن أكتب عن غيرة الرجال، رغم أن مقالي تضمن الإشارة الى غيرة الرجال وما ينتج عنها من ضغط وضرب!
اليوم أستجيب لقرائي الكرام وأكتب عن غيرة الرجال، فالغيرة ضرب من ضروب الإثارة لا بد منها في الحقيقة، لأننا تربينا على ذلك دفاعا عن أمور كثيرة إذا خاف المرء على شرفه أن ينثلم أو عرضه أن يهان، وأن تحول الى شر ووسواس تدنى الى الشر ولا يقوم به إلا خبل!
الغيرة مطلوبة لكن في حدودها وبعيدا عن مواطن الظن والتهم، والإفراط في الغيرة مدمر خاصة من الرجل لأنه في هذا الأمر لا يتفاهم، وكثير منهم يجنح الى ممارسة الضرب والقسوة البالغة، لأن الشيطان يجري في مجرى الدم في بني آدم فيوسوس له وإن بعض الظن إثم!
ترى ما السر في غيرة الرجل؟
واضح أننا شاهدنا في الحياة أمثلة واقعية، فالرجل عندما يحب امرأة تجد من لا يتحملون أنظار الناس لزوجاتهم أو أرحامهم، ومنهم من يذهب به الظن إلى مواصيل المخاطر ويسيء الظن ويستعجل بعد أن يستولي عليه الوسواس فيوقظ خياله ويلهب شكوكه ويضرم وساوسه، فلا تطيب له الحياة لأنه بالأساس متعب ويلاحق نظرات الفضوليين!
الرجل الغيور مشكلة في الحياة لأن غيرته نقطة ضعفه، فيتحول للأسف في حال فاقد الذكاء والفهم وتتأجج نيران الغيرة في صدره، معتقدا أنه بالغيرة يتفوق وبالغيرة يحرص وبالغيرة يصون وبالغيرة يكون، وهذا كله هراء، فالشيء إذا زاد على حده انقلب إلى ضده وجاوز الاعتدال المطلوب، فهنا تتحول الغيرة الى حالة مرضية مبعثها الانهيار والاختلال، ومصيرها سوء الحال والمآل.
إن الغيرة المطلوبة هي التي تفزع لله عز وجل ودينه ونبيه، وهي القدوة الحسنة والسمعة الطيبة، وهي أن تغار على الحق المضيع، والغيرة المطلوبة هي الغيرة في الله، وعلى الدين والأرض والعرض!
نحن الآن في الحياة دائما أمام الغيرة المدمرة، فهل هي رذيلة الحسد؟
وهذا موروث بشري قديم قدم الإنسان على كوكب الأرض.
فما أحرانا أن نعيش بعيدا عن الشهوات والمباهاة، فما أحرانا أن نعيش مع ألوان من الغيرة بين إفراط وتفريط فبضدها تتميز الأشياء، ومن لا يعرف الشر يقع فيه!
قال أبوتمام الطائي:
بنفسي من أغار عليه مني
وأحسد مقلة نظرت اليه
ولو أني قدرت طمست عنه
عيون الناس من حذري عليه
٭ ومضة: سألت البروفيسور خالد شميس المتخصص في شؤون النساء والغيرة، وهو يعيش الآن في سبعينيات العمر، فقال:
الغيرة أمرها يطول شرحه، فغيرة الرجل العجوز المسن طبعا تكون صعبة لأنه باختصار ومن الآخر الشكوك والأوهام تسيطر عليه، فتسوء به ظنونه وتتراءى له أشباح الشك والوهم التي لا تتركه إلا محطما يائسا، ولذلك لا أنصح (الشباب) أمثالي بأن يتزوجوا فتيات صغيرات السن.
ويواصل: يقول سليمان الحكيم: «إن الغيرة قاسية كالقبر»!
والرجاء لا تسألني عن أمور النساء فلقد طلقتهن بالثلاث!
اسألني عن الآخرة وكيف أستعد لها إن شاء الله.
٭ آخر الكلام: ما أصعب غيرة الشك والغيرة القاتلة والغيرة عن يقين، والمطلوب فقط على كل الرجال (الاعتدال) بالغيرة فلا تتجسس ولا تتبع عورات النساء.
يقول الشاعر النابغة الذبياني:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له
وتتقي صولة المستأسد الحامي
٭ زبدة الحچي: عزيزي القارئ الرجل اعلم أن الغيرة موجودة وعليك فهم أسباب تأججها وطبيعة هذا الشعور ومظاهره وأساليبه، فالزم الثقة وعززها في أهل بيتك قدر المستطاع، فالغيرة المحمودة مطلوبة، وهي سلاح ذو حدين لها محاسنها ومساوئها، ودائما (خير الأمور الوسط) فيما نقول ونفعل!
اجعل الغيرة ظاهرة صحية في بيتك لا حالة مرضية مزمنة تشعل بيتك ولا تنفع ولا تشفع.
اللهم احفظ الرجال من دروب الغيرة ومسالكها، فالاعتدال مطلوب لنحيا إلى ما يحبه الله ويرضاه.
أيها الرجال وأيتها النساء: استجبنا لكم وكتبنا عن الغيرة. نقطة أول السطر!
في أمان الله..