[email protected]
إصدار جميل حصيلة الزمن الكوروني.
بانوراما رائعة ألَّفتها لنا المربية الأستاذة خالدة أحمد السبيعي في كتابها الجديد «ثقافة الأزياء» لتنقلنا إلى عالم الأزياء، 11 فصلا حواها الكتاب القيّم الذي زاد من ثقافتي الأزيائية بين التأثير والتأثر، واللباس والزينة في الأديان، وأزياء النساء في الكويت ودول الخليج العربي قديما، والحلي والمجوهرات، وأزياء الرجال في الكويت ودول الخليج العربي، ودراسة لنماذج أغطية الرأس عند الرجال والنساء، وملامح من أزياء الشعوب، وصناعة الأزياء ودورها في تحريك عجلة التنمية، وتسويق الأزياء، والموضوعة، والسيرة الذاتية لمصمم الأزياء العالمي (ايف سان لوران) أمير الموضة.
قضيت إجازة الأسبوع أقرأ هذا الكتاب الموسوعي عن ثقافة الأزياء مارّاً بكل الحضارات القديمة وما حوته من أزياء الشعوب بكل تفاصيلها والتي تعرفنا على انتماءات البشر ومعتقداتهم ودياناتهم ومراكزهم الاجتماعية، وبمعنى أدق تحول الأزياء إلى هوية وطنية، ودور العادات والتقاليد وتأثيرها على الأزياء في المجتمعات، خاصة المجتمعين الخليجي العربي وحكايات أغطية الرأس المختلفة عند النساء والرجال وتنافس الأسواق العالمية على تحريك عجلة التنمية في مجال تصنيع الأزياء وصولا إلى أعلى مستويات الجودة والإتقان لترضي جميع الأذواق، وتأثير هذه الأزياء على مختلف الأعمار، فالسلوك الملبسي له أبعاده وثقافته في شتى مراحل العمر.
الأزياء في اللغة هي جمع زي وتعني اللباس أو الرداء أو الثياب وكل ما يرتديه ويتزين به الإنسان من لبس عامة الناس إلى الملوك والأمراء والسلاطين.
من يقرأ التاريخ يجد لكل أمة وحضارة من الحضارات أزياءها التي تلائم عاداتها وتقاليدها وتتفق مع مناخها وبيئتها الخاصة، فكلنا قرأنا أو سمعنا عن أزياء الرومان والفراعنة والفرس والعرب وغيرهم من الشعوب المختلفة.
الأزياء حاجة ضرورية للإنسان لستر عوراته بداية، ثم تحولت إلى البحث عن الجمال، أي ما نسميه بمكملات الأزياء مع اختلاف الأذواق في كل حقبة زمنية مع الاحتفاظ بالانتماء مثل اللباس الهندي والعربي والغربي والفرعوني والكاوبوي!
كما أن الدين له تأثير على هذا اللباس كما نشاهد المسلمين في العمرة والحج ولباس المحرم أو في حال وضع الصليب أو لباس الرهبان والطاقية اليهودية، كما أن بعض المهن تُعرِّف لابسها بمهنته كما في (الأطباء والمحامين والعسكر...).
٭ ومضة: بعد قراءتي للكتاب توصلت إلى حقيقة أعرضها على قرائي الكرام وهي مخطئ من يظن أن مصطلح الأزياء مقصور على شريحة محددة من المهتمين بها، بل الأزياء اليوم ثقافة نتوق ونتلمس أبعادها وليست القصة فقط عارضات أزياء!
وأنا أدعو مع الكاتبة خالدة أحمد السبيعي إلى ضرورة أن نُغيّر من فكرنا السطحي لمفهوم الأزياء الأعمق.
خذ مثلا: لباس المسلمين للإحرام «الأبيض» وما يتركه في النفوس وأنت تؤدي العمرة والحج، أو تشاهد المنظر في البيت العتيق، حيث تتضح فلسفة تذويب الفوارق بين المسلمين الذين يأتون من كل فجّ عميق، فلا انتماءات عرقية أو طبقية أو اجتماعية ليتجرد الإنسان في هذه اللحظات من هويته التي تميزه عن غيره من البشر.
لقد فهم الغرب فلسفة الأزياء فاستخدمها لمصلحته، والتاريخ يحكي لنا كيف يمحو الساسة بقوة القانون ملامح أزياء تذكّره بدول سادت ثم بادت.
٭ آخر الكلام: نحن نعيش اليوم زمن التغيير وعلينا أن نؤصل أزياءنا وهويتنا وتراثنا الجميل، فكان لزاماً على الأستاذة خالدة السبيعي أن تبادر بتسليط الضوء على الأزياء، وهو عالم متجدد ومتغير على مدار الساعة عند كل الشعوب.
٭ زبدة الحجي: شكراً كبيرة للأستاذة خالدة أحمد السبيعي التي أشارت في كتابها القيّم إلى (أمير القلوب) سمو الشيخ جابر الأحمد- طيب الله ثراه- وهندامه الوطني (الدشداشة والغترة والعقال والبشت) ليلقي كلمته التاريخية إبان الاحتلال العراقي الصدامي الغاشم على الكويت في مقر الأمم المتحدة، وكذلك بروز سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله- رحمه الله- «أبوالتحرير» بدشداشته «الشد».
الكتاب يحتوي على عشرات الصور التي توضح لك بجلاء كيف تتأثر الأزياء بالحضارات والتيارات الفكرية والمذاهب الفلسفية. إن الموضات الحالية وما وصلت إليه الآن من نجاح مرده إلى الأزياء والموضات التي اجتاحت العالم عبر التاريخ لتعطينا اليوم كمّاً تراكمياً من حضارة الأزياء.
الكتاب روعة والأروع عضوة هيئة التدريس المربية خالدة السبيعي التي استطاعت بهذا الكتاب الفريد أن تُحلق بي والقراء الكرام في عالم الأزياء والموضة وصولا إلى الماركة العالمية «ايف سان لوران» وكيف أبّنته الحكومة الفرنسية في وفاته.
الكتاب يقع في 281 صفحة تنقلك إلى عالم الأزياء.
أستاذة خالدة.. سعدت والله بقراءة هذا المؤلف النفيس الذي توزعه شركة «Bookland» على أمل انتظار كتابك الذي صدر 2010 عن العم النوخذة أحمد صالح السبيعي رحمه الله.
.. في أمان الله.