[email protected]
كتاب جديد للدكتور يعقوب يوسف الغنيم مخصص للناشئة ويدور على ألسنتهم بمناسبة تولي سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح - مهامه الدستورية أميرا لدولة الكويت، وكذلك تولي سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ولاية العهد.
قصة الكتاب تدور على لسان الأخوين (حمد ويوسف) وهما طالبان في المرحلة الثانوية مهتمان بدراستهما، ولهما عناية بالقراءة الخارجية في كتب الأدب والتاريخ، كما لهما متابعة للأحداث ذات الصلة بتاريخ الكويت، ولذا فإنهما يتحدثان معا في هذا الأمر في أوقات فراغهما من استذكار الدروس المقررة.
سأل أحدهما الآخر قائلا: ألا ترى أن وطننا في هذه الأيام يمر بمرحلة مهمة قد يكون لها أثر على المستقبل بأكمله، فأجاب أخوه: نعم لا شك في ذلك، ففي هذه الأيام انتقل الحكم إلى صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أميرا للبلاد، واختار صاحب السمو الأمير الجديد وليا للعهد وهو سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
وقد تابع العالم ووسائل الإعلام نعي المرحوم الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والثناء عليه وعلى أعماله، ثم انتقل الحديث الآن عن الأمير الجديد ومناقبه، وكذلك عن ولي العهد سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر، وهو - أيضا - ممن يتوقع أبناء البلاد على أيديهم خيرا.
فقال الأخ: أحسنت وقد أجدت تلخيص ما جرى في هذه المرحلة كلها، وأنا أقترح أن نتعاون أنا وأنت على عمل بحث يتناول سيرة الأمير الجديد، وشيء من سيرة سمو ولي عهده بحيث يكون ما نقدمه صالحا لقراءة الطلاب من أمثالنا. من حيث سهولة التعبير وبساطة الكلمات.
فرد أخوه: اقتراح موفق، ويمكننا البدء به حالا لأن جميع المعلومات متوافرة في الوقت الحاضر.
قال الأخ: إذن على بركة الله.
***
جلس الأخوان للبحث في المشروع الذي عزما على القيام به، وتناقشا كثيرا، ثم اتفقا على الذهاب إلى مدرس التاريخ في اليوم التالي لعرض الأمر عليه فقد يقترح عليهما اقتراحا مفيدا.
وذهبا في الصباح، فاستقبلهما المدرس بحفاوة لأنه يعرف مقدار اهتمامهما بالدراسة والقراءة الخارجية، وقد عرضا عليه ما فكرا به، ففكر قليلا ثم قال لهما: هذا اهتمام جيد بموضوع مهم لتاريخ الكويت وأنا أرجو لكما التوفيق، وسرعة الوصول الى هدفكما المرجو.
وإذا أردتما نصحي فإن هذا الذي تفكران فيه له علاقة برئيس الدولة سمو أمير البلاد، وليس من السهل أن يكتب أي إنسان فيه ما شاء. ولذا فإنني أقترح عليكما اللجوء الى مكتبة الكويت الوطنية فهي المجال الرسمي الحكومي الملائم لتقديم النصح وتقديم ما تحتاجان اليه من معلومات ترجعان إليها.
وهنا شكر الأخوان حمد ويوسف أستاذهما وخرجا لتنفيذ اقتراحه هذا.
وفي صباح اليوم التالي اتجها إلى مكتبة الكويت الوطنية، وقد هالهما - عندما أقبلا عليها - فخامة بنائها وضخامته، وأعجبهما في الداخل تنظيمها وكثرة ما تحتوي عليه من كتب ومراجع ودوريات. ولكن أكثر ما لفت نظرهما هو عناية العاملين فيها بعملهم وحرصهم على حسن استقبال القراء، وتسهيل مهمة حصولهم على ما يريدون. بل وإجابتهم على الأسئلة التي يقدمونها.
وقد دخل الأخوان وسلما على المسؤول الذي دلهما عليه مَن كان في الاستقبال، وأخبراه بغرضهما فرحب بهما كثيرا. وقال: لا شك في أن الموضوع الذي تريدان الكتابة فيه موضوع وطني مهم، وهو - في الوقت نفسه - تسجيل لحادث في أثناء وقوعه، وهذا يجعل العمل صادقا أكثر من غيره. وأنا على استعداد لمساعدتكما منذ الآن.
فشكراه، ثم صحبهما الى غرفة جانبية وجلس معهما، وقال: احرصا على صدق المعلومات، لأنها ملك التاريخ، والتاريخ مرآة واضحة لا تغش أحدا أبدا، وأنا أرى في مجيئكما إلينا دليلا على حرصكما على تحري الحقائق.
اسمعا: إن من حظكما أن صحف الكويت في هذه الأيام تكتب كثيرا من الحقائق عن الأحداث الجارية وسوف تستفيدان مما ورد فيها لأنها شاهد عيان على كل ما يجري في البلاد. أما ما يتعلق بما مضى من الزمان، فأنا أسهل لكما الحصول على المراجع التاريخية الموثوقة التي تضمها هذه المكتبة، وهي لم توضع إلا لأمثالكما من محبي البحث.
***
شكراه وغادرا المكتبة وهما شديدا الإعجاب بالخدمة الثقافية التي وجداها، والاستقبال الكريم الذي حظيا به.
وبدأ عملهما وفق التوجيهات التي استمعا إليها من أستاذهما أولا، ومن المسؤول في المكتبة ثانيا. وبعد أيام ظهرت نتيجة جهدهما، وصارت واقعا ملموسا فقدما مما كتبا نسخة لأستاذهما ونسخة أخرى للمسؤول الذي قابلهما في المكتبة، وقد أعجب الرجلان بجهد هاذين الطالبين وحرصهما على جمع الحقائق وتقديمها على الصورة المطلوبة. وهذا هو ناتج عملهما:
الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح هو الذي تولى الحكم بعد وفاة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رحمه الله، في يوم 2020/10/29م وكان وليا للعهد منذ سنة 2006م.
وكان محافظا ووزيرا، ورجلا من رجال الأمن الذين كانت لهم بصمة واضحة أثناء عملهم في هذا المجال.
ولد سنة 1936م، درس في مدارس الكويت، وأحب الرياضة وخاصة رياضة الصيد والفروسية.
وأثناء عمله وزيرا للداخلية كان له اهتمام كبير بدعم العمل المشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي، وعدد آخر من الدول العربية.
وكانت أعماله في الداخل، ومشاركاته الخارجية في اللقاءات المختلفة ذات الصلة بالأعمال التي كان يقوم بها سببا من أسباب تكريمه على نطاق واسع. ولذا فقد حصل على عدد من الأوسمة من دول مختلفة تقديرا لجهوده المتعددة ومنها:
- وسام طوق الاستحقاق من اسبانيا في تاريخ 2008/5/23.
- وسام التحرير (الجنرال سان ماركين) من الأرجنتين في 2011/8/1.
وغير هاذين من دلائل التقدير لسموه.
***
كان يوم الأربعاء 2020/9/30م، يوما مهما في حياة الكويت والكويتيين، ففي هذا اليوم انعقد مجلس الأمة لكي يستقبل الأمير الجديد، الذي سوف يؤدي القسم الدستوري أمام اجتماع المجلس المذكور.
وبعد القسم تحدث الشيخ فيما يسمى النطق السامي، فقال:
«بسم الله الرحمن الرحيم (ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين) صدق الله العظيم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، الاخوة رئيس وأعضاء مجلس الأمة المحترمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إنه قضاء الله وقدره وإنه وحده سبحانه الذي لا يحمد على مكروه سواه، نحمده تعالى ونشكره في المحنة والبلاء كما نحمده في الفضل والرخاء. فقد رحل عنا الى دار الآخرة رمز شامخ من رموزنا الخالدين قدم الكثير لوطنه وشعبه وأمته، ترك إرثا غنيا زاخرا بالإنجازات والأعمال المشهودة محليا وعربيا وإسلاميا ودوليا، نستذكر بكل الاعتزاز والاهتمام توجيهاته السديدة ونصائحه الأبوية التي تعكس عشقه لكويتنا الغالية وأهل الكويت الكرام وهي التي ستظل نبراسا هاديا لنا ونهجا ثابتا.
الإخوة رئيس وأعضاء مجلس الأمة المحترمين، تعرضت الكويت خلال تاريخها الطويل الى تحديات جادة ومحن قاسية نجحنا بتجاوزها متعاونين متكاتفين وعبرنا بسفينة الكويت الى بر الأمان. ويواجه وطننا العزيز اليوم ظروفا دقيقة وتحديات خطيرة لا سبيل لتجاوزها والنجاة من عواقبها إلا بوحدة الصف وتضافر جهودنا جميعا مخلصين العمل الجاد لخير ورفعة الكويت وأهلها الأوفياء. وإذ نشير الى هذه التحديات فإننا نؤكد اعتزازنا بدستورنا ونهجنا الديموقراطي ونفتخر بكويتنا دولة القانون والمؤسسات وحرصنا على تجسيد روح الأسرة الواحدة التي عرف بها مجتمعنا الكويتي والتزامنا بثوابتنا المبدئية الراسخة. وإنني إذ أتصدى لحمل المسؤولية الجسيمة بروح الأمل والطموح لأعاهد الله وأعاهد شعب الكويت وأعاهدكم أن أبذل غاية جهدي وكل ما في وسعي حفاظا على رفعة الكويت وعزتها وحماية أمنها واستقرارها وضمانة كرامة ورفاه شعبها متسلحا بدعم ومساندة أهل الكويت المخلصين، سائلا الله العون والسداد والتوفيق (ربنا عليك توكلنا، وإليك أنبنا وإليك المصير).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وقد صفق الأعضاء طويلا لهذا الحديث النابع من القلب، والدال على تفهم كل ما شارك الأمير في صنعه، وهو مقبل على الاستمرار فيه طريقا مرسوما سار عليه من سبقه من حكام الكويت. وكان قد اكتسب المقدرة على القيام بمثل هذا العبء، وتعود فن القيادة لأنه نشأ في بيت الحكم، وهو جزء منه، وخالط عددا من قادة البلاد الذين كان أولهم بالنسبة له والده المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح الذي كان حريصا على أن يزود أبناءه بخبرته، وأساليب القيادة، ولذا فقد جاء صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وهو مهيأ للمهمة التي كتب له القيام بها. وقد أبان منذ اليوم الأول لهذه المهمة أنه يستطيع السير على هدي الآباء وما قاموا به في سبيل رفعة الكويت.
ومما يدل على مكانة صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في نفوس الناس، ما حدث يوم أن زكاه سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وبموجب الدستور فقد وصل الأمر الأميري إلى مجلس الأمة الذي عقد جلسة خاصة أجمع الأعضاء خلالها على الترحيب بولي العهد إيقانا منهم بأنه كفء لهذا المنصب ولقيادة البلاد فيما بعد. وقد قام سموه - آنذاك - بأداء القسم الدستوري المقرر. وقال كلمة دالة على محبته لوطنه وأهل وطنه وقد جاء فيها قوله:
«إنني بكل الفخر والاعتزاز أحني هامتي إجلالا، وإكبارا لهذا الوطن العظيم، وشعبه الوفي الكريم، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو».
***
من أعمال صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الأولى منذ تولى مهامه الأميرية اختيار ولي عهده. وقد وقع اختياره على سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي نال ثقة كل المواطنين وترحيبهم. وقد استقبل مجلس الأمة ولي العهد ورحب به واستمع منه الى القسم الدستوري وإلى كلمة معبِّرة. وكان ذلك في اليوم الثامن من شهر أكتوبر 2020م. وكانت الكلمة التي ألقاها سمو ولي العهد بعد أدائه للقسم كلمة تضمنت كثيرا من معاني الوفاء للوطن وأهله وقد جاء فيها:
«نحن على يقين من أن الكويت بقيادة سمو الأمير ستواصل مسيرتها الريادية، دولة دستور ونهج ديموقراطي، ومشاركة شعبية، ومصداقية في الأعمال قبل الأقوال، داعية الى الخير والسلام، منبرا للبر والعمل الإنساني».
***
وكان ذلك اليوم من أزهى أيام الكويت في أعقاب ما مر به من أحزان بوفاة أميرها السابق الشيخ صباح الأحمد الجابر. وقد ارتاح المواطنون جميعا الى ما حدث في جلسة استقبال سمو ولي العهد في مجلس الأمة، والاستماع الى قسمه وكلمته البليغة.
وأثنى النواب خلال تلك الجلسة على اختيار الشيخ مشعل لولاية العهد، وأشادوا بالخطوة السريعة التي قام بها الشيخ نواف حين أصدر أمرا أميريا يقضي بتعيين الشيخ مشعل وليا للعهد بعد نحو أسبوع من توليه للحكم.
***
سمو الشيخ مشعل هو الابن السابع لأمير الكويت الأسبق الشيخ أحمد الجابر الصباح. وقد بدأ في تولي الأعمال منذ فترة شبابه، وكان كل عمله في الدوائر الحكومية. وله نشاط في مجال أسرة الحكم، وهو قريب من الملفات التي كانت تؤرق البلاد في فترات سابقة.
وكانت بداية عمله في وزارة الداخلية التي استمر بها الى أن وصل الى رتبة (عقيد) وتولى رئاسة المباحث منذ سنة 1967م حتى سنة 1980م، وقد تأسست على يديه دائرة أمن الدولة التي قام بوضع أسسها، وقواعد العمل فيها.
وعندما جاءت سنة 2004م، وفي شهر يناير عين نائبا لرئيس الحرس الوطني، وقد حقق للحرس في وقته قفزات مثمرة، شهدها الجميع، وطور كثيرا من الأعمال في هذه المؤسسة المهمة.
إنه كان ولايزال عنصرا مهما في أسرة الحكم له خبرة ودراية بالأمور العامة، واهتمام بكل ما يسند النظام العام في البلاد.
ولد سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في سنة 1940م، وأمضى حياته في خدمة الوطن على الصورة التي أشرنا إليها.
وقد درس في كلية «هاندن» البريطانية وهي كلية خاصة بالشرطة، وتخرج فيها سنة 1960م. وقد حصل من خلال دراسته هذه على معلومات كثيرة أفادته فيما بعد.
وكانت لسمو الشيخ مشعل أنشطة أخرى مصاحبة لأعماله الرسمية منها أنه الرئيس الفخري لجمعية الطيارين الكويتية منذ سنة 1973م، وهو واحد من مؤسسي الجمعية الكويتية لهواة اللاسلكي، والرئيس الفخري لها. وهو - أيضا - من هواة الصيد والرحلات، وكان له اهتمام خالص بالزراعة، وبخاصة ما يتعلق بتطوير الزراعات المحلية، فقد دأب على متابعة هذا المجال من النشاط، فكانت له منشأة زراعية جميلة وواسعة، عني فيها بزراعة أنواع من أشجار الفاكهة وغيرها مما لم يكن يزرع في الكويت من قبله. وهو في الوقت نفسه رئيس ديوانية شعراء النبط الفخري منذ تأسيسها في سنة 1977م، ولايزال يرعاها بصفته رئيسها الفخري.
***
هكذا انتهى ما توصل اليه الأخوان حمد ويوسف، وقد ظهر لنا أنهما قد أحاطا بكل ما هو مهم في حياة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، وحياة أخيه سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، وما كان لهما إلا أن يقدما ما كتباه لأستاذهما.
واطلع الأستاذ على العرض الرائع الذي ورد إليه من تلميذيه، وأعجب به، وشكر لهما جهدهما الذي أدى الى هذه النتيجة الباهرة.
وقد فرح التلميذان برأي الأستاذ بعملهما واتفقا على تقديم ما كتباه الى المسؤول في المكتبة الوطنية الذي فتح صدره لهما واستعد للقيام بتقديم كل عون ممكن لما أقدما عليه.
وقد كان سعيدا عندما اطلع على ما كتباه وشكرهما وتمنى لهما مستقبلا زاهرا وسعيدا.
***
ها نحن قد علمنا بكل شيء عن حياة أميرنا وولي عهده أدامهما الله ووفقهما.
٭ ومضة: معالي وزير التربية الدكتور علي المضف، هذا كتاب يصلح تعميمه على مكتبات المدارس الثانوية ما دمت حريصا على التاريخ الكويتي، خاصة عندما يكون الكاتب بقامة د.يعقوب يوسف الغنيم المؤرِّخ والكاتب والباحث والأديب والشاعر الحريص على الأجيال الكويتية لأنه من الوزراء الذين درسوا في قاعات الدرس ومسك إصبع الطباشير الأبيض!
٭ آخر الكلام: أحسن مختصر وجدته يجري على ألسنة الصغار انه تاريخ مكتوب على حوار بسيط سهل حفظه، وأتمنى أن تؤخذ منه نصوص اختبارات في المقررات والمناهج الدراسية للأجيال القادمة.
٭ زبدة الحچي: هذا الكتاب أحد روائع د.يعقوب الغنيم، هذا التربوي الذي يعي رسالته ويعرف كيف يخاطب الأجيال الكويتية لأنه مارس التدريس وتدرج حتى وصل وزيرا للتربية.. شكرا كبيرة أبا أوس على هذا الكتاب، وشكرا للعم فهد عبدالرحمن المعجل، ربي يطول عمرك أيها الوطني العزيز الذي تجده وراء كل عمل مبارك.. خووش كتاب وسد نقصا في مكتبتنا الوطنية العلياء.
في أمان الله..