[email protected]
الحراك أنواع، منه الحراك السياسي والدعوي والقيمي والمبدئي.. فأيهما أنت؟
تذكرون يوم كانت مناهجنا تربي وتعلم ما تعلمناه من مدرس التربية الإسلامية وهو يحدثنا ونحن جلوس على مقاعد الدراسة عن واحدة من عظماء العرب؟
إنها فاطمة بنت الخطاب.. أتذكرون إسلامها وزوجها في دار الأرقم؟
إنها أخت الخليفة الراشد الثاني سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
إنها زوجة سعيد بن زيد بن عمرو وابنة عمته، وهي أول امرأة آمنت بالرسول صلى الله عليه وسلم من خارج أهل بيته.
وهي ثاني امرأة تدخل الإسلام بعد أمنا خديجة زوجة الرسول رضوان الله عليها، كانت الجزيرة وقتها تهتز لعظم النداء القادم من السماء والقلوب ترتجف من الخوف على مراكزها من هذا الدين القادم المؤثر في مراكزها ومناصبها وزعاماتها!
في هذا الوقت الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسخر من آلهة قريش وأصنامها وأحجارها ويأمرهم بالدعوة الإسلامية دين التوحيد، وترك الشرك وعبادة الله الواحد القهار.
حينذاك كانت فئة قليلة تتعبد وتتلو القرآن سرا وخوفا من بطش سادة قريش كفار مكة المكذبين.
اليوم سأحدثكم عن عظيمة أخت عظيم هبط الإيمان قلبها وآمنت بمحمد في بداية رسالته الإسلامية وهي أول سيدة من قريش تدخل الدين الجديد فلم تخف أو تتراجع وهي ترى ماذا يصيب المسلمين من أذى الكفار وطغيانهم حتى أصبحوا يذهبون متسللين نحو دار الأرقم بن الأرقم خوفا من بطش هؤلاء الكفار وأذاهم.
أسلمت فاطمة بنت الخطاب وأسلم معها زوجها سعيد بن زيد بينما كان أخوها الفاروق عمر رضي الله عنه في جاهليته قويا باطشا لا يرحم من يخرج عن عبادة آبائهم وأجدادهم.
أسلمت فاطمة وزوجها وهما يعلمان ما يجري عليهما من بطش وتعذيب سادة قريش وسطوة عمر، وكان يخرج شاهرا سيفه باحثا عن الذين آمنوا بهذه الدعوة الجديدة.
وفي ليلة خرج عمر شاهرا سيفه بعد أن ضاق بهذا التحول الذي يتسع ويكبر فقرر قتل الرسول صلى الله عليه وسلم واندفع هناك وسأل عن الرسول وانتشر الخبر بعد أن قالها عمر أريد أن أقتل محمدا، وهنا دار حوار بين عمر ورجل من بني زهرة وأمسك به عمر وهزه بشدة وعنف، ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك؟ فقال له ما شأنك أنت، فأمسك عمر بتلابيب الرجل ورفع سيفه وأدرك الرجل أن عمر في حالة لا يفيد فيها التحدي، فصاح قائلا: على رسلك يا عمر، أتريد أن تصلح الكون، أليس الأولى أن تصلح نفسك وأهلك، فزاد غضب عمر، ألا تعلم أن أختك وزوجها قد صبآ وتركا دينك؟
دفع الرجل بعيدا، واستدار متجها إلى بيت أخته والغضب والشرر يكاد يتطاير من عينيه والسيف مشرع في يده وسؤال حائر في رأسه: كيف تجرؤ فاطمة وزوجها على هذا الأمر؟
دخل عمر مندفعا يريد أن يبطش بأخته وزوجها وأمسك زوجها واشتد في إيذائه واغلظ في القول، وهنا اندفعت فاطمة تريد أن تحمي زوجها، فاستدار عمر الى أخته فلطمها حتى أدمى وجهها!
وهنا تبرز قوة العقيدة والإيمان من فاطمة وزوجها، وأمام هذا التحدي الجديد، فها هي فاطمة بنت الخطاب تواجه جبروت عمر وهو الذي ترتعد أمام غضبه فرائص الرجال!
وبعد أن هدأ وزال عنه الغضب وحل محله السؤال: اعطوني هذا الكتاب الذي عندكم فأقرأه!
تعجب عمر من ثبات أخته وزوجها أمامه وهي تقول له ردا على سؤاله أنت نجس وكتابنا لا يمسه إلا المطهرون!
ازداد تعجب عمر ودهشته، وقبل أن يرد أسرعت تقول: قم واغتسل أولا، وأطاع عمر رغبة أخته فاطمة فاغتسل وتطهر ثم قرأ سورة (طه) حتى إذا وصل الى قوله تعالى: (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري)، هتف عمر وقد امتلأ وجهه بالنور الإلهي قائلا: دلوني على محمد.
وكان الرسول قد دعا ربه قائلا: اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بعمرو بن هشام، انطلق عمر وأسلم فكان إسلامه عمر رضي الله عنه بداية لفتح عظيم في الإسلام.
٭ ومضة: معالي وزير التربية د.علي المضف، ألا تصلح مثل هذه القصص لمناهج أطفالنا وتلاميذنا وطلابنا في المقررات الدراسية؟
٭ آخر الكلام: كم من القصص في السيرة المحمدية التي تصلح كي تكون (ثقافة هذا الجيل) لقد تربينا على هذه القصص التي حوت ثقافتنا.. هذا دور الأخت التي أدخلت أخاها العظيم دين الله الحنيف!
٭ زبدة الحچي: معالي وزير التربية كان ثمة رجال ونساء في تاريخنا الإسلامي يصلحون أن يكونوا نماذج كلها نبل وكرم وشهامة ومروءة وإخلاص ووفاء وتضحية في سبيل إعلاء كلمة الله.
معالي الوزير: سيقولون العالم تحضر وتقدم وهذه نماذج لا تصلح للعصر الذي نعيشه، ومن هذا (الكلام الخرطي) وايد!
لكن الحقيقة أن هؤلاء الأعلام والرموز من الرجال والنساء الذين أثروا الحضارة الإسلامية بقيمهم ومبادئهم الإنسانية هم الأولى أن نقدمهم في أسلوب قصصي لعيالنا وأجيالنا!
في أمان الله..