[email protected]
القرآن، ويسمى تكريما «القرآن الكريم»، وهو كتاب الله المعجز عند المسلمين يعظمونه ويؤمنون بأنه كلام الله المنزل على نبي الله محمد بن عبدالله للبيان والإعجاز، وبأنه محفوظ في الصدور والسطور من كل مس أو تحريف، وبأنه منقول بالتواتر، وبأنه المتعبد بتلاوته، وبأنه آخر الكتب السماوية بعد صحف إبراهيم والزبور والتوراة والإنجيل.
القرآن الكريم هو مجمع البلاغة والبيان والفصاحة، ويعود للقرآن الفضل في الحفاظ على اللغة العربية، وهو مرجعها، فلقد أعطى اللغة العربية سيلا من حسن السبك وعذوبة السجع ومن البلاغ والبيان ما عجز عنه بلغاء العرب، وهذا ما حفظ اللغة العربية عبر الأزمان من الانقراض والتلاشي.
يحتوي قرآننا الكريم على 114 سورة تصنف مكية ومدنية وفقا لمكان وزمان نزول الوحي بها عليه صلى الله عليه وسلم.
بالأمس، وأنا أقرأ سورة يوسف عليه السلام لفت نظري بعض الآيات وهي تحتاج الى وقفة من المفسرين، فخذ على سبيل المثال لا الحصر: أحيانا نجد تداول كلمة ذات معنى واحد في أكثر من سورة أو آية (الزوجة - المرأة - الصاحبة).. بمعنى متى تقول عن زوجتك امرأتي أو زوجتي أو صاحبتي؟
هذا يجعلني أسأل: ما الفرق بين (المرأة والزوجة والصاحبة)!
وجدت في التفاسير يقال المرأة: اذا كانت هناك علاقة جسدية بين الذكر والأنثى ولا يوجد انسجام وتوافق وتسمى هنا الأنثى (امرأة)!
- الزوجة: اذا كانت هناك علاقة جسدية ويترافق ذلك مع انسجام فكري وتوافق ومحبة وتسمى الأنثى هنا (زوجة)، قال تعالى: امرأة نوح - امرأة لوط، ولم يقل زوجة نوح ولا زوجة لوط بسبب الخلاف الإيماني والعقائدي بينهم! فهما نبيان مؤمنان وأنثى كل منهما غير مؤمنة، فسميت كلتاهما امرأة وليست زوجة، وكذلك قال الله (امرأة فرعون) لأن فرعون كان كافرا لم يؤمن ولكن امرأته آمنت، فكانت امرأة وليست زوجة!
بينما نجد في مواضع أخرى من القرآن الكريم استخدام لفظ (زوجة)، فقال تعالى في شأن آدم وزوجه: (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة)، وقال تعالى في شأن محمد صلى الله عليه وسلم: (يا أيها النبي قل لأزواجك).
وهناك موضوع تجدر الإشارة له: لماذا استخدم القرآن الكريم لفظ (امرأة) على لسان سيدنا زكريا على الرغم من التوافق الفكري والانسجام (وكانت امرأتي عاقرا)! ربما يكون الحال بسبب موضوع الإنجاب، لأنه شكا همه الى الله تعالى واصفا من معه بأنها امرأته وليست زوجته! وبعد أن رزقه الله (ولدا) وهو سيدنا يحيى اختلف التعبير القرآني، فقال تعالى: (فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه)، فأسماها الله تعالى زوجة وليست امرأة بعد إصلاح خلل عدم الإنجاب.
وأخيرا: وقفة مع بيت أبي لهب، قال تعالى: (وامرأته حمالة الحطب)، ليدلل القرآن الكريم على أنه لم يكن بينهما انسجام وتوافق!
تبقى قضية «الصاحبة»: يستخدم القرآن الكريم لفظ (صاحبة) عند انقطاع العلاقة الفكرية والجسدية بين الزوجين، ذلك أن مشاهد يوم القيامة، أجارنا الله منها، تستخدم لفظ (صاحبة)، قال تعالى: (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه).. واضح العلاقة الجسدية والفكرية انقطعت بسبب أهوال يوم القيامة.
وتأكيدا لذلك قال الله تعالى صراحة: (أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة)، لماذا لم يقل زوجة أو امرأة؟ واضح، لينفي الله عز وجل أي علاقة جسدية أو فكرية من الطرف الآخر نفيا قاطعا.
٭ ومضة: قال تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) (الإسراء:88).
٭ آخر الكلام: جعلنا الله جميعا ممن يقولون: ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.
٭ زبدة الحچي: أتمنى على مشايخنا وأساتذتنا في حلقات العم خالد يوسف المرزوق - رحمه الله - أن يثروا هذا (الحوار) بجميل تعليقاتهم حتى تكتمل الصورة عند القارئ الكريم، فما أجمل القرآن الكريم ومفرداته وسوره وآياته.
أمر الخليفة الأول سيدنا أبوبكر الصديق وفقا لاقتراح من الصحابي الفاروق عمر بن الخطاب أن يدون القرآن الكريم، وتعرف هذه النسخة بالمصحف العثماني، لأن سيدنا عثمان رضي الله عنه أمر بنسخه لتوحيد قراءته وظل حتى اليوم.