[email protected]
قديماً في الكويت كانوا يرشحونهم للمناصب، فيعتذرون بأنهم رجال اليامال والنخوة والفزعة والسنع والصلاح.
النفس الإنسانية أمرها عظيم وشأنها كبير، لهذا تجد في هذه الحياة صورا عجيبة من تزكية النفس وعكسها تماما، وهكذا هي النفوس منها ما هو جميل وطيب ومتواضع ومنها الضد الخسيس والدنيء والقبيح والمتكبر.
يقولون: الطيور على أشكالها تقع!
الأمر الأول ان الله عزّ وجلّ خلقنا كبشر للعبادة، كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).
كان التوحيد هو المدخل لهذا الدين العظيم وما تزكو به القلوب فلا زكاة للنفس إلا بتخليصها من الشرك والكفر بكل أنواعه، لا بل كل ما يناقض التوحيد ويضعفه حتى تزكو النفس وتطيب وتتطهر مما دخل عليها من شوائب ودنس.
الأمر الثاني: نقول ونكرر إن الدعاء مفتاح زكاة النفوس، كما ان الدعاء له أثر عظيم في فتح أبواب الخير وهو افضل العبادات، لأن فيه اظهار العجز والتذلل والانكسار والاعتراف بقوة الله عزّ وجلّ وقدرته.
قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «إني لا أحمل همّ الإجابة ولكن أحمل همّ الدعاء، فإذا أُلهمت الدعاء فإن الإجابة معه».
كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يستهل خطبه بقوله: «من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له».
فهذا الأصل هو أعظم الأبواب لتزكية النفس، ولهذا نلجأ إلى الله عزّ وجلّ ونلح في الدعاء راجين مغفرته.
أما الامر الثالث فهو تزكية النفس، حيث تطلبها من الكتاب المقدس (القرآن الكريم) الذي هو بالأساس منبع التزكية ومعينها، كما قال الله تعالى: (لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة..).
إذن، كتاب الله اعظم ما تزكو به النفس ومنبعها ومعينها ومصدرها، تبي التزكية الحقة اطلبها من كتاب الله عزّ وجلّ.
يقول ابن القيم رحمه الله: «القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة».
إذا تبي التزكية عليك بتلاوة القرآن الكريم وتدبره ومجاهدة النفس على العمل به تنال من التزكية أوفر النصيب.
ومضة: في حياتك، لتصل الى تزكية النفس عليك ان تتخذ في الحياة أسوة وقدوة، قال ابن كثير رحمه الله: هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله، وهي: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً).
قال الحسن البصري رضي الله عنه: قال قوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم: إنا نحب ربنا فأنزل الله تعالى هذه الآية: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله..).
آخر الكلام: إذا أردت تزكية النفس فعليك أن تطهرها عن الرجس والمعاصي والذنوب ثم تجملها بفعل الطاعات والقربات، لأن الآثام تفسد القلب وتحجب عنه نور الهداية والإيمان.
زبدة الحچي: ما دمت إنسانا ولك أجل فعليك تذكر الموت ولقاء الله، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغد..)، والرسول قدوتنا صلى الله عليه وسلم يذكرنا: «أكثروا ذكر هادم اللذات»، وهذا يعني أن نتذكر الموت.
الزم عزيزي القارئ مخالطة الجلساء المعينين على الخير، واحذر جلساء الفساد فإنهم أخطر عليك من الجرب!
ثم الحذر من العُجب والغرور والاغترار بالنفس وممارسة الطاووسية في الحياة، وتذكّر قوله تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى..).
إن معرفة النفس أمر غاية في الأهمية، لأن معرفة النفس تجنبنا تزكية النفس، فاللهم ارزقنا النفس المطمئنة، ولتكن قاعدتك الذهبية قول عمر رضي الله عنه: «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتزينوا للعرض الأكبر يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية».
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.
يا رب تعبنا واحنا بنشوف الفساد كل يوم يظهر لنا من بيننا من هو فاسد فاجتمع الفساد و«كورونا» علينا.
اللهم الطف بالبلاد والعباد.
في أمان الله..