[email protected]
غيَّب هادم اللذات السبت الماضي 2 ذي القعدة 1442هـ الموافق 2021/6/12م أستاذي ومعلمي د.يوسف عبدالمعطي وقد بعث صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد ببرقية تعزية ومواساة لأسرته وأبنائه أشاد فيها سموه بحياة الراحل الحافلة بالإنجازات على المستوى التربوي، كما نعاه وزير التربية رئيس مجلس إدارة «التطبيقي» د.علي المضف، مؤكدا أنه خدم التعليم بتأسيسه معهد المعلمين.
ود.يوسف عبدالمعطي الذي أتشرف وأعتز بتتلمذي على يديه، هو من قابلني في جلسة التقدم لمعهد المعلمين (1967 - 1968م) وهو من شجعني على دخول العمل النقابي بجمعية المعلمين، وهو من اتصل بي وحثني على الانتساب للعمل الخيري، فله مني كما كنت من قبل دائم الدعاء، وكما يقولون: من علمني حرفا صرت له مقدّرا ومجلّا. رحل بهدوء كما هو طبعه، قليل الكلام كثير العمل والإنجاز، وهو بحق أحد أكبر رجالات التربية والتعليم ليس على صعيد الكويت وإنما على مستوى الوطن العربي إنجازا، فمن هو الدكتور الأستاذ يوسف عبدالمعطي الذي للأسف غيبه إعلامنا في وفاته؟ إنه مواطن كويتي!
أنا أقول لكم من هو يوسف عبدالمعطي شَرك.. من مواليد مصر عام 1927م، أتم دراسته الابتدائية والثانوية في القاهرة، والتحق بجامعة القاهرة وكانت تسمى (جامعة الملك فؤاد الأول) حينذاك في كلية الآداب، وتخرج عام 1951م ثم التحق بجامعة عين شمس ونال دبلوم المعهد العالي للمعلمين عام 1953م، ثم نال درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1972 في الإدارة التربوية وإعداد المعلم عام 1972 ودرجة الدكتوراه في اقتصاديات التعليم وتخطيط وتقويم التعليم من أجل التنمية عام 1980.
مسيرة حافلة بالعطاء
وللفقيد الراحل مسيرة تربوية حافلة بدأها عام 1951 عقب تعيينه مدرسا للغة العربية في مدرسة صلاح الدين بالمرقاب، ثم انتقل إلى ثانوية فلسطين لفترة قصيرة، ثم عين ناظرا للمدرسة المباركية عام 1962/1960 ثم مديرا لكلية المعلمين 1972/1962 ومديرا لإدارة التعليم الفني والمهني 1983/1972 ومستشارا أول بالمركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج 1985/1983 وخبيرا باللجنة الوطنية الكويتية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) 1992/1985، وعضو هيئة تدريس منتدب في كلية التربية جامعة الكويت عام 1992، ومستشارا في مركز البحوث والدراسات ممثلا للكويت في لجنة التأليف والترجمة والنشر في منظمة اليونسكو (2002/1993)، وعضوا في اللجنة التربوية باللجنة العليا لتطبيق الشريعة الإسلامية 1983، وشارك في العديد من اللجان والمؤتمرات ممثلا عن دولة الكويت. شارك الفقيد الراحل في قيادة معهد المعلمين بالكويت بعد تأسيسه بناء على تقرير قدمه اثنان من أعلام التربية في العالم العربي، وهما إسماعيل القباني ود.منى عقراوي اللذان دعتهما الكويت لتقديم المشورة حول تطوير نظام التعليم في الكويت، وقد أكدا ضرورة أن تسرع الكويت في إنشاء كلية للمعلمين لتخريج مدرسي المرحلة الابتدائية، وذلك بموجب ما ورد في التقرير بأنه في عام 1955 يوجد في الكويت 911 مدرسا ومدرسة ليس بينهم إلا 127 مدرسا ومدرسة كويتيين، وقد شكلت دائرة المعارف لجنة لهذا الغرض ضمته في عضويتها، وفي العام الدراسي 1962/1961 أصدرت وزارة التربية قرارا بإنشاء كلية المعلمين، وعين الفقيد الراحل مديرا لها، وقد تم تغيير المسمى الى معهد المعلمين في العام 1967/1966 بسبب افتتاح جامعة الكويت.
إنجاز ضخم
وللفقيد الراحل نتاج علمي تربوي ضخم وإسهامات واسعة في تأليف العديد من الدراسات والكتب، وفي تقديم البحوث والدراسات والبرامج التربوية، وكان لهذا النتاج كبير الأثر في بناء التعليم بالكويت، وفي إرساء قواعده وتنميته وتطويره، كما كان للفقيد الراحل مساهماته ومشاركاته في تعزيز الدور الذي تقدمه جمعية المعلمين الكويتية، حيث شارك كباحث ومحاضر في العديد من المؤتمرات بالكويت وخارجها، وكان له دور يذكر في المؤتمرات والأسابيع التربوية لجمعية المعلمين الكويتية، وبصمة واضحة لا لبس فيها في صناعة وتدريب المعلم الكويتي وتأهيل الكوادر التربوية والتعليمية الكويتية.
علاقة شخصية
بعد أن توثقت به علاقاتي من معهد المعلمين في المرقاب إلى العديلية إلى التخرج كنت دائما أحرص على الالتقاء به أو استشارته بالهاتف، وكان في آخر سنواته يقول لي.. ها.. السمي أي يا يوسف! عندما قدت أسبوع التربية 13 و14 استشرته في كثير من الأمور خاصة عن (دور المعلم في الوطن العربي) وغيره من الموضوعات وكان دائما الناصح الأمين.
تصحيح الإشكالية!
هو لم يقل أبدا أنا صنعت معهد المعلمين، لكننا كنا نشهد له بدوره الكبير في قيادة مسيرة المعلمين الذين تخرجوا في هذا المعهد وهم بالمئات، وهو بالفعل أول مدير لكلية المعلمين في الكويت، وأيضا لا ننسى جهود المربي أستاذنا حمود الرومي (أبو محمد) أطال الله في عمره.
دور المستشار
أنا شخصيا أعي وأعرف تماما الدور الكبير الذي اضطلع به المغفور له بإذن الله د.يوسف عبدالمعطي كمستشار في مركز الدراسات والبحوث الكويتية، وقد أحسن د.عبدالله الغنيم رئيس المركز وكذلك من قبل أستاذنا الكبير د.يعقوب يوسف الغنيم الذي استعان به عندما كان وكيلا في وزارة التربية ووزيرا لها، وقد أحسنا التعامل والاستفادة من هذه القامة التربوية والتعليمية، وكان بالفعل مستشارا مؤتمنا وليس مجمدا!
٭ ومضة: على يد هذا المربي الفاضل تخرجت الأجيال تلو الأجيال من أبناء الكويت وإنجازاته يصعب حصرها في مقال، ويكفي أن الدولة مشكورة منحته الجنسية الكويتية تقديرا لأعماله الجليلة.
ومن أجمل ما كتب.. إعداده كتاب (الكويت في عيون الآخرين) والذي يوضح فيه كيف كانت ومازالت الكويت مقصدا للكثيرين يأتونها من كل بقاع الأرض وإن تعددت الأهداف فمنها ما هو تجارة أو عمل!
٭ آخر الكلام: شكرا لجمعية المعلمين الكويتية، ولجهود الأخ الأستاذ أسعد عبدالله، والتي رثته في بيان وذكّرت بتاريخه ودوره الكبير في خدمة التربية والتعليم وبمناقبه، وهي سُنة تتبعها جمعية المعلمين في رثاء أساتذتها الكرام الذين رحلوا، طيب الله ثراهم ومثواهم.
٭ زبدة الحچي: أستاذي أبا ياسر.. رحمك الله وطيّب الله نزلك وجعل قبرك روضة من رياض الجنة ومنزلتك في جنات عدن بالفردوس الأعلى من الجنة.
رحم الله أستاذنا « د.يوسف عبدالمعطي شرك» والذي ندين له بعد فضل الله عز وجل، لأنه تولى رعايتنا حتى التخرج وتابعنا ولم يبخل علينا لا بالنصيحة ولا بالرأي والمشورة.
باسمي وباسم إخواني المعلمين الذين تعلمنا على يديه الكريمتين نعزي أهله وأسرته وأحبابه وطلابه وكل من أحبه وتعامل معه، ضارعين للمولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويُسكنه فسيح جناته.
في أمان الله.