[email protected]
جراح.. اسم شائع في مجتمعاتنا العربية «اسم علم» وهو الذي يعالج المرضى بالجراحة، وهو دكتور مختص وضروري في كل عمليات الجراحة، وهذه حرفة قديمة عُرف بها والد الصحابي أبوعبيدة عامر بن الجراح!
ومن الأمانة أن أعرض ما أعرفه عن «جراح» قديما، حيث إن العرب (وصفوا الشخص قاسي المشاعر بجراح)!
أي الشخص الذي يؤذي المحيطين به، لكن هذا المعنى (قديم جدا) وانقرض، ولهذا نرى أن اسم جراح منتشر ومحبب لأنه يعود لأصل عربي ولا يتضمن أي صفة مسيئة للإسلام مثل الشرك بالله، ولهذا سمى الكثير أولادهم باسم جراح!
والواقع أن الناس أحبوا اسم جراح، لأن في المسمى من السمات الشخصية ما يجعله محبوبا مثل خلقه الجميل وبره بوالديه ومحبته لأهله وإخوانه وأصدقائه، وهو يقود ولا يقاد، ويحب الشعر الجزل ويكره الروتين!
اليوم عزيزي القارئ في كل مكان سأحدثكم عن (صديقي) جراح الذي يتاجر بالعطور!
والعطور شيء محبب للنفس الإنسانية، ويقال إن مصعب بن عمير كان إذا تجول في مكة ظل عطره لمدة 3 أيام في الأجواء!
المهم، أعود لصاحبي جراح وهو جراح عطور بالفعل لا جراح طب ومشارط وغرفة عمليات!
هناك نقطة جديرة بالتوقف هنا أن العطور مرجعها إلى مسمى (عطر) وهو ذو رائحة (زكية فواحة) وهذا العطر يباع عند (العطار) أي صاحب العطور وبيعها.
وإذا رأيت مجموعة من الرجال تضع الطيب والعطر فيقال لهم (معاطير)!
على العموم، نجم مقالنا اليوم إنسان متواضع جدا هو بالضبط ما ينطبق عليه حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنة».
أتذكر أنني دخلت محله وإذا برجل وامرأة في المحل يناقشانه بمحتوى العطر وسعره ويجيب عليهم (بأريحية) لفتت نظري وبنصح واضح، وكما نقول: ناصح وسمح!
جراح كما عرفته هين لين قريب من الناس، سهل في قضاء حوائجهم وتلبية رغباتهم، كما ذكرت سمح الشراء عجيب في التودد والاقتضاء.
من ذاك اليوم اشتريت منه و«سيّفت رقمه» وكنت على تواصل معه عبر الواتساب.
ترى في الحياة كلنا نمارس التقارب مع من نشعر به قريبا منا، أي مثلما نقولها من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف».
بالأمس كنت في المباركية زرته وسعدت بالجلوس في شركته ودار حديث عن عدم زواجه، فقلت يا جراح لا تتأخر الله يرزقك (الودود والولود) وعندنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم للاختيار: «تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك».
٭ ومضة: بالأمس كانت أمامي صورتان مختلفتان (الأولى) لصاحبي أبوشميس الذي كرهني بالعطر ومن صنعه ومنعنا من وضعه على ملابسنا وأجسادنا، و(الثانية) لصديقي ونجلي جراح الذي طيبني بكل أنواع العطور والبخور!
أنا وجدت نفسي منساقا نحو جراح وإن كانت عندي حساسية قوية في العين ضد العطر!
على العموم، السهول كرماء وأخلاقهم هوازنية مضرية عدنانية، وكرم جراح والله انه يذكرني بأخي (محزم وأخيه المحامي أحمد) وكذلك بإخواني (سعد الجلال - بوعبدالله وطلال الجلال بوسعد) ولا يهون باقي الربع.
٭ آخر الكلام: يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «لو كنت تاجرا ما اخترت غير العطر، فإن فاتني ربحه، لم يفتني ريحه».
٭ زبدة الحچي: جراح وهناك كثير من الشباب الواعد الله يوفقهم في تجارتهم، والله يرزقهم لأنهم يمثلوننا وهم (جيل يحب الحشيمة) يقدر الكبير ويعطف على الصغير ويمارس الكرم بأنواعه، وهذا كله مرده للتربية الأسرية، ما يجعلنا أن نقول لهم: رحم الله بطن وظهر جابك!
بالأمس مشي ابني (جراح) من المحل إلى السيارة في مبنى العقارات الدور الثاني وأصر على فتح باب سيارتي لي، وهذا خلق نادر قلة يمارسونه ورأيته في الحياة.
أعزك الله ورزقك يا جراح.
أنت عطر العطور ومسك الختام.
سلّم على صديقنا بوعبدالله الذي وجدته في مجلسك.
وطيبك الله من عطور مكة!
في أمان الله..