[email protected]
وأنا في بداية شبابي كنت محظوظا وعاصرت مشايخ قمما، رحمهم الله، حينما كنا صغارا في منطقة القادسية، كنا نصلي خلف الشيخ محمد المطر - أبوعبدالرحمن - طيب الله ثراه ومثواه، وهو والد أخينا العزيز النائب النشط (قولوا ما شاء الله) صاحب المبادرات والاقتراحات، ثم صلينا خلف الشيخ عبدالله السبت - أبومعاوية - رحمه الله، وكان زوار المسجد الذي نصلي فيه (مسجد القملاس - مسجد الجمعية) مجموعة من المشايخ الذين رحلوا مثل الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق - عبدالرحمن عبدالصمد - والمشايخ الذين يزورون الكويت في الربيع أيام المخيمات الشبابية وكانوا بالفعل يعطون الشباب طاقة إيمانية وإيجابية.
اليوم حوارنا سيكون حول (الأرواح جنود مجندة) وهذا يهمنا كثيرا في الحياة لأنه يفسر لنا (المجانسة) و(التآلف) و(المخالفة) والنفرة.. كيف؟
في الحياة وأنت تعيش واقعك يمر عليك عشرات البشر، غير أن هناك (قلة) سبحان الله ينطبق عليهم ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف».
وهكذا استقرت حكمة الله عز وجل في خلقه على وقوع حالة التناسب والتآلف والتشاكل والانجذاب مع (شخص) قد لا تعرفه ولا يعرفك سوى موافقة طاقته الإيجابية معك، مما يعطيك انطباعا بالارتياح أو العكس يحدث نفرة وابتعاد وعدم توافق، فالمثل إلى مثله مائل وإليه صائر، والضد عن ضده هارب وعنه نافر!
الأرواح جنود مجندة هذا أمر عظيم لأنه أمر إلهي فيه تسوية بين المتماثلين والتفريق بين المختلفين، وهذا تفسير من تلتقيه في الحياة فإما أن يكون لديك مقبولا سمحا فيه ائتلاف لا نفور، وآخر لم يصدر منه شيء ضدك، ولكنك لا تجد له قبولا في نفسك، وكما يقولون يميل الأخيار للأخيار، والأشرار للأشرار!
والحقيقة من تجربة الحياة تتعارف الأرواح وتلتقي من خير وشر، فإذا اتفقت تعارفت، وإذا اختلفت تناكرت.
يقول ابن الجوزي: إن الإنسان إذا وجد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح فينبغي أن يبحث عن المقتضى لذلك ليسعى في إزالته حتى يتخلص من الوصف المذموم وكذلك القول في عكسه!
وقال القرطبي: الأرواح وإن اتفقت في كونها أرواحا، لكنها تتمايز بأمور مختلفة تتنوع بها فتتشاكل أشخاص النوع الواحد وتتناسب بسبب ما اجتمعت فيه من المعنى الخاص لذلك النوع للمناسبة، ولذلك تشاهد أشخاص كل نوع تألف نوعها، وتنفر من مخالفها، ثم إنا نجد بعض أشخاص النوع الواحد يتآلف وبعضها يتنافر، وذلك بحسب الأمور التي يحصل الاتفاق أو النفور بسببها.
وتقول العرب: «إن الطيور على أشكالها تقع» وشبه الشيء منجذب إليه: فالبغاة يتجمعون ويتعارفون، وأهل الفساد والخلاعة يتعارفون ويتصادقون، والصالحون يتعارفون ويتعاونون ويتماسكون ويتجالسون ويتحابون، فالأرواح جنود مجنّدة، وأهل الخير يميلون إلى أهل الخير، وأهل الشر يميلون الى أهل الشر، وما تشارك من الأرواح تجمّع، ومن اتفقت ميولهم أو تقاربت يتجمعون ويتآنسون.
٭ ومضة: الى قارئي الكريم في كل مكان وزمان إليك النصيحة بعد هذا العرض الموجز عن (قصة) الأرواح جنود مجندة، فكل شخص له نوعان من الطاقة سواء كانت إيجابية أو طاقة سلبية حسب المواقف والأحداث التي يتعرض لها الشخص.
لذا احرص في حياتك على هذا النوع الذي يعطيك دائما الطاقة الإيجابية، وابتعد عن صاحب الطاقة السلبية، لأن صاحب الطاقة الإيجابية سيجعل يومك كله سعادة وإنجاز، أما الآخر فسيحبطك ويقلل من نجاحاتك للأسف!
في الحياة هناك من تراه لأول مرة يدخل قلبك من أوسع الأبواب لأنه يملك نفس طاقتك فيحدث التقارب والتعارف، والآخر العكس، ولهذا النصيحة أن تحرص في حياتك على نيل الطاقة الإيجابية وهي حالة مرتبطة بالذهن والروح تجعلك مبتهجا وتجتاز العقبات وتتجاهل السلبية، بل وتطردها من جسمك!
٭ آخر الكلام: عليك في الحياة الآن مع ازدياد عوامل القلق والتوتر أن تعزز نفسك بالطاقة الإيجابية من استمتاع بالطبيعة وأخذ راحة ذهنية وتمارس الضحك وتتعامل مع الأشخاص الإيجابيين، اقرأ، استرخ، تطعّم ضد الجائحة، نم ولا تسهر.
٭ زبدة الحچي: احرص عزيزي القارئ منذ هذه اللحظة على التفكير الإيجابي والأشخاص الذين هم (جنود مجندة) من يعطونك الطاقة الإيجابية لما لها من آثار عظيمة تعود على شخصك وصحتك ونفسيتك وروحك بالإيجابية فتتخلص من الإجهاد والقلق والتوتر، وهذا والله إن طبقته سيزيد من عمرك ويُخفِّض عندك معدل الاكتئاب والقلق والضجر والمحاتاة، فتتحسن صحتك وتقل عندك احتمالات الوفاة بالسكتة أو الجلطة لأنك بدأت تحصد الطاقة الإيجابية، ما يجعلك تتأقلم مع واقع الحياة الصعب اليوم!
عزيزي القارئ: ما في شيء في الحياة يسوى، لذا غيّر وضعيتك وابتسم، وركِّز على الإيجابيات وعلى الأرواح المجندة التي تعينك على صعوبة الحياة، وتولّ أنت زمام عقلك وحصّنه بالمعوذات وآية الكرسي، ولا تُدخل في حياتك من يسبب لك الألم والشقاء، وتفاؤل بالمستقبل، وعش اللحظة الراهنة واشحن نفسك بالطاقة الإيجابية، لا تنس الرياضة بأنواعها واهتم بالطعام الطبيعي والمشي (حافيا)، ولا تنس أبدا الفروض والعبادات لأنها تملأ روحك بالطاقة الإيجابية، امنح السعادة لمن حولك وساعد الآخرين كثر ما تقدر، وسامح ومارس هواياتك المحببة، وخصص وقتا للتأمل والاعتكاف، وتخلص بسرعة من كل مشاعر سلبية وابتعد عن عالم الالكترونيات الذي يسبب التوتر والإجهاد.
عزيزي القارئ: أغلق كل أبواب الشر وافتح الأبواب بعدم الانتقاد، وتلمّس العذر للآخرين، واكسر روتين حياتك، وابدأ يومك وحياتك بالتفاؤل.. أنا سعيد بالمئات من قرائي الكرام الذين منحوني حبهم ومتابعتهم وطاقتهم الإيجابية التي أعانتني على إكمال وإتمام رسالتي الإعلامية والصحافية.. مشكورين وايد..
في أمان الله.