[email protected]
الأبوة تشبه الامومة، تماما، كلاهما ضروري في الحياة، وغياب الأم ضياع، وغياب الأب فقيدة!
علمته صغيرا ان الحلم ترف النائمين، فاستمع لي واستوعب ما قلت ومضى في عزيمة المناضلين!
ومضى وهو حافظ للدرس، رافعا شعار كل ما لا يقتلني يزيدني عزما! حورب، حوصر، هاجر، ولم يخنع ويخضع!
ومضى في دروب الحياة من محطات نجاح إلى انكسار إلى رجعة وإلى نجاح..
علمته ان قدوتنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».. يا بني درسك الأول وأنت على الهواء ألا تثار ولا تستثار، وكن هادئا، مطمئنا، واثقا، فالأثير ميدانك الارحب نحو النجاح!
وعندما اشتد عوده أجلسته وقلت: يا بني، تذكّر- وأنت تنشد العزم- هذه الأبيات للشاعر المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائمُ
بالأمس، شاهدت «نجلي» الذي علمته قد استوعب درسي، وأنا «المعلم قبل الأب»، وحفظ القاعدة عن ظهر قلب، وكان من ذوي العزم، ناشدا العزم، محققا العزم!
التقت عيناي به بالأمس وهو يقبل رأسي، فهمس في أذني: أتعلم يا والدي ماذا سأل طاغور الحكيم؟ لقد سأل الممكن المستحيل: أين تقيم؟ فأجابه: في أحلام العاجز!
٭ ومضة: لن أتكلم عن الآيات الكثيرة التي يحتويها القرآن الكريم وتتحدث عن معنى «العزم»، لأنها كثيرة، لكن الشاطر من يحول العزم الى نجاح بصبر وجد وثبات!
بالأمس عرفت ان الاسلوب هو لباس الفكر، والاسلوب هو سبيلك الى قلب وفكر محدثك، وان أبرز مزايا الاسلوب هو الوضوح والتحاور!
٭ آخر الكلام: بالأمس علمني «نجلي» فن المسايرة، وذكرني ببيت شعر لزهير بن أبي سلمى:
ومن لا يصانع في أمور كثيرة
يضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم
٭ زبدة الحچي: علمت ابني ان «المحاورة العظيمة» عبر الأثير أمر خطير، وانت لا تحتاج الى اجنحة هبوط فقط، وانما الى مظلة هبوط واقية اذا ما كان من تحاوره محترفا عنيدا ويملك ناصية الكلمة!
ولكي تملك الهواء والاثير كن مستعدا لمثل هذا الحوار المتفجر!
بالأمس فقط ادركت تماما انني تركت «سيفا مهندا وحساما فيصلا» وانا أُتابع ما ادهشني دهشة هي الآن ماثلة أمامي «أم الفلسفة» التي تعلمتها.. من جد وجد ومن زرع حصد!
لقد علمتك يا بني ان الاسطورة هي فلسفة الانسان الاول، وان كانت فلسفة خيالية وغير منهجية، لأن كل انسان «فيلسوف» ما دام يفكر ويختار نهجه ودربه، وانت اخترت دربك وأنت الآن تتفوق فوق حساباتي وكأنك تقولها لي:
قل لمن يدعي في العلم فلسفة
حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
أماني.. لك كثيرة يا بني:
العمر ان تسألني ما أمانيه
وكيف أملأ في الدنيا لياليه
للحب أحمله، للخير أرهنه
للعز أدفعه.. للمجد أعطيه
في أمان الله..