[email protected]
ماذا على المواطن.. أن يتحمل الأخبار أم الواقع والظروف والضغوط والأحمال؟!
تدور على ألسنتنا مفردة (الاحتمال والتحمل) وأن فلانا والله يتحمل المسؤوليات، وفلانه ما شاء الله صابرة ومتحملة!
الاحتمال: هو قياس بشري يقاس به الاحتمال والتحمل، وباختصار هو قياس إمكانية وقوع حدث ما، يقاس الاحتمال بأنه رقم بين صفر والواحد، حيث يشير الصفر إلى الاستحالة ويشير الواحد إلى التأكيد، كلما زاد احتمال الحدث زادت إمكانية وقوع هذا الحدث!
الاحتمال قدرات بشرية متفاوتة في حياتنا اليومية وقلة هم من يحسبون المخاطرة والنتائج ويحللون (نظرية الاحتمال)!
الاحتمال كلمة مفتوحة لأنها تمتلك أبواب كل الاحتمالات!
استدلال (الاحتمال) صعب جدا يحتاج إلى عقلية فذة تحسب كل الاحتمالات وتأخذ بالدلالات المتاحة بعيدا عن التأويلات أو الفرضيات!
الاحتمال عملية مربكة تحكمها القيود المنطقية والمعرفية!
نريح شوية من الاحتمال والتحمل لنعيش الواقع بعينه، يقول الشاعر ايليا أبوماضي:
قال: الليالي جرعتني علقما
قلت: ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مُرنِّما
طرح الكآبة جانبا وترنما
في الدنيا رأيت من لا يبصرون وكيف عوضهم الله تعالى بالبصيرة، إذن ليس الشقاء أن تكون أعمى، بل شقاؤك أن تعجز عن احتمال العمى!
ربما هذا يوضح للقارئ الكريم مبتغاي من «الاحتمال»!
٭ ومضة:
في الحياة أيضا مفردة جميلة مرادفة اسمها (الجلَد) ولا أقصد هنا (جلد الإنسان) البشري إنما الصبر على «التحمل»!
اقرأ معي أبيات الشاعر أبو القاسم الشابي واستشعر كلماته ومفرداته تبلغ مرادي وهدفي، يقول:
تجلد ولا تستكن لليالي
فما فاز إلا الصبور الجليد
ولا تأس من حادثات الدهور
فخلف الدياجير فجر جديد
ولولا غيوم الشتاء الغضاب
لما نضّدَ الروضُ تلك الورود
ولولا ظلام الحياة العبوس
لما نسج الصبح تلك البرود
٭ آخر الكلام:
يقول زين العابدين بن علي بن الحسين، رضي الله عنهما، أبياتا تكمل المعاني المرجوة من الاحتمال والتحمل:
وإذا بليت بعسرة فالبس لها
صبر الكريم فإن ذلك أحزمُ
لا تشكونّ إلى العباد فإنما
تشكو الرحيمَ إلى الذي لا يَرحمُ
أما عقيل بن أبي طالب فإن له رأيا عجيباً في مقاصده يقول:
فإن تسألني كيف أنت فإنني
جليدٌ على عض الزمان صليبُ
عزيز على أن تُرى بي كآبةٌ
فيفرح واشٍ أو يُساء حبيبُ
٭ زبدة الحچي:
الصيف على الأبواب وهنا يزداد الضغط على الآباء والأمهات تجاه الأبناء وما يدور في فلك الترفيه ومحاربة (ضيقة الخلق) وهذا الأمر يحتاج إلى (طاقة نووية) بشرية فوق الاحتمال والتحمل!
تبقى الحقيقة الجلية أن الإنسان وراءه التزامات المسكن والمأكل والملبس والكماليات وأمور حياتية منها ميزانية الهواتف والأجهزة الذكية!
وهناك مئات، بل ألوف المرضى الذين يعانون من أشكال مختلفة من الأمراض (ندعو لهم) وهم بحاجة إلى مواساة ومال ودعاء للتخفيف عنهم وهم أنفسهم يحتاجون إلى كلمات (التحمل - الاحتمال - الجلد - الصبر) وحتما سيأتي الفرج!
أيها القراء في كل مكان وزمان: يقول الله سبحانه (فاصبر إن وعد الله حق..) الروم (60).. كلنا كبشر بحاجة إلى الاحتمال والتحمل والجلد والمثابرة وعدم القنوط أو التطير أو التفاؤل!
يقولون في الأثر: الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك، فإن كان لك فلا تبطر، وإذا كان عليك فاصبر!
ومن أدب الحكمة قالوا: زينة الفقر الصبر والتحمل والاحتمال!
وهكذا يمضي العمر ما بين احتمال وتحمل وليس للإنسان إلا ما سعى!
في أمان الله..