[email protected]
لي صاحب هو صديق عمري لكنه (عوي) اي معوج تقوله يمين يقولك شمال!
له هوس جميل في توزيع الخبز كصدقة وهذا شيء طيب، أين المشكلة معه؟
مخه مقفل على صدقة الخبز ولا غير إلا الخبزة!
تتحاور معه وتتناقش عن «صدقة السر ـ الخبيئة ـ الصدقة بالمال والطعام .. إلخ».. مسكر بس يا ناس يا متصدقين وزعوا الخبز!
قال الشاعر الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرفُ بين الله والناس
ليت صاحبي يعلم ان «البطون الخاوية» تحب الخبزة وتحب أيضا الماء وتحب اللحم وتحب الفاكهة وتحب وتحب وتحب!
نعم ثورات العالم السابقة كانت وراءها الخبزة، وانتفاضات كثيرة هنا وهناك وراءها الخبزة، شفناها في ثورة الخبز في الأردن في معان وسقط فيها قتلى وجرحى عام 1989 ـ 1996 وأيضا ما يسمى بـ «انتفاضة الحرامية» في مصر في عهد السادات سقط 53 قتيلا وأكثر من 600 جريح والخسائر بلغت 200 مليون جنيه!
في عام 1988 قامت انتفاضة في الجزائر لارتفاع أسعار الخبز وأيضا في تونس في عام 1984 في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة في العاصمة وصفاقس واعتبر رئيس الوزراء محمد مزالي (ثورة الخبز) انها تهدف إلى الإطاحة بالنظام!
صاحبي لأنه وصل حاليا الى مرحلة «الزهد» يذكرني بأبي العتاهية يوم قال:
رغيف خبز يابس
تأكله في زاويه
وكوز ماء بارد
تشربه من صافيه
وغرفة ضيقة
نفسك فيها خاليه
أو مسجد بمعزل
عن الورى في ناحيه
تقرأ فيه مصحفا
مستندا لساريه
معتبرا بمن مضى
من القرون الخاليه
خير من الساعات في
فيء القصور العاليه
تعقبها عقوبة
تصلى بنار حاميه
فهذه وصيتي
مخبرة بحاليه
طوبى لمن يسمعها
تلك لعمري كافيه
فاسمع لنصح مشفق
يدعى أبا العتاهية
نعم أتفق مع «صاحبي» ان الخبز هو الغذاء الرئيسي في كثير من البلدان وعليه نحن (الغذاء الرئيسي ـ الرز)، لماذا يا أخي الحبيب لا توزع رزا؟ وليكن «بسمتيا» طويل الحبة!
تبقى الخبزة هي الأقل في القيمة الغذائية مقارنة باللحوم بأشكالها. والسؤال لصاحبي: وزع لحما أو دجاجا ترى المحتاجين يقدرون يشترون (كيس الخبز فيه 5 خبزات بخمسين فلسا)!! في حين بعض الناس عيونهم أصابهم «الحول» من أسعار اللحوم والفاكهة والحلويات!! لكنهم لا يقدرون ان يشتروا لحم الماعز والضأن والبقر والجمال! ولا يقدرون على عروض أسعار الفاكهة ولا أسعار الحلويات!
الخبز ظهر كغذاء للإنسان منذ عام 8000 قبل الميلاد بالقمح والشعير والذرة، لم يكن يحتوي على «الخميرة» ثم تطور على يد الإنسان تحول حاليا الى اشكال وألوان عجيبة!
وصاحبي لايزال يصر على توزيع الخبز، (أنا) أعتقد لرخصه، فأنت بـ 10 دنانير تستطيع ان تعطي مئات ولكن لا تستطيع بنفس المبلغ ان توزع اللحوم او الفاكهة أو.. أو.. أو..!
أنا أعرف أن صاحبي ثقافته قادمة من مصر القديمة متأثرا بثقافة حوض النيل لأنه يقرأ «الهيروغليفية»! وله رسائل على ورق البردي!! ويعتز جدا بما قدمه (أبقراط) اليوناني للآلهة من الحبوب والخبز!
لقد تأثر (صاحبي) كثيرا بالإمبراطورية الرومانية التي قدمت (خبزة الليبوم) كقربان للآلهة مع الجبن والبيض، ولهذا هو لايزال يفطر كل يوم (البيض والجبن مقرر)!
حدثني مرة انه تمنى ان يعيش حياة «العصور الوسطى» والعيش على الخبز والشوفان مع النورمانديين الذين استخدموا الخميرة اول مرة في عام 1191 في خبزهم!
في صباح باكر منذ أسابيع قال لي: نريد احد الطهاة الإيطاليين!
فقلت يا صاحبي: لمَ؟ أتحب البيتزا؟!
فقال: الإيطاليون الطهاة لهم مهارة خاصة في صنع الخبز والبسكويت، انت ما تعرف إلا القراطيس!
أنا أعرف تاريخ الخبزة، أنت لا تعلم ولا غيرك ان الخبز الإيطالي فيه «بطاط مطحون»!
ضحكت.. فقد ذكرني «بچناين» هذا الزمان اللي يحطون في «اللقيمات» بطاط وسفن آب!!
ويكمل: شوف، في القرن الثامن عشر الطاهية اميلي سيمونز طورت الخبز وأدخلت عليه وغيرها من الطهاة (الصودا) كما حصل في ايرلندا والولايات المتحدة وكان جل هم «الثورة الصناعية» ان تطور الخبز وتقدمه للفقراء وايضا الملوك والأباطرة وأصحاب الدخول العالية.
واضح ان صاحبي ليس من العصر الحديث فهو يتكلم عن خبز فينا الذي استخدم فيه بخار الماء في عام 1907 ويتكلم عن اجتماع مدينة براغ التشيكية في عام 1927 عندما اعتكف علماء ومهندسون من 15 دولة أوروبية من اجل مناقشة المشاكل المتعلقة بالخبز!
أمس كلمني عن اتفاقية روما 1957 التي وقعتها الدول الأوروبية لإحداث نقلة في حبوب الخبز وضرورة تطوير الخبز بإدخال الطبقات الغنية في تركيبته (النخالة)!
وأمس صباحا (فقع مرارتي) عندما حدثني عن رحلة أبولو 15 التي انطلقت في 18 مايو 1969 بان الطاقم معه خبز مبستر مستخرج من تحسين القمح في الهندسة الوراثية!
قالها حكيم:
الخير أبقى وإن طال الزمان به
والشر أخبث ما ألفيت من زاد
ومضة: شوفوا لي شوفة مع (صاحبي) كل يوم ما لنا حديث إلا عن الخبزة وهذا سيفوه وهذي خلاجينه!
عرفنا ان الخبزة خاصة التي فيها نخالة (طيبة) وتعتبر صدقة بس ما تكون أحسن من صدقة اللحم او الفاكهة او الحلويات ونعي ونعلم ان (الخبزة السمراء) تحتوي على الألياف وتقضي على الكوليسترول الضار وفيها نسب عالية من الفيتامينات ب1 ومضادات مقاومة للأكسدة ونسبة عالية من الكالسيوم وتحمي من هشاشة العظام وتحافظ على معدل السكر وعلاج للمعدة المضطربة و.. و.. و..).
إللي ما راضي صاحبي يفهمه ابدا ان الخبز الابيض الذي يوزعه يسهم في تجميع الدهون في منطقة البطن لهذا تشاهدنا جميعا من حوله لنا «كروش معتبرة»!
قلنا له يا اخونا يا حبيبنا (خبزك) يرفع السكر في الدم وهناك من يستخدم «ألوانا صناعية» في إكسابه اللون الأبيض وهو يخاف من «الألوان الصناعية» لكنه مصر على هذه الصدقة.
يا صاحبي قال ايليا أبوماضي:
اصنع جميلا ولو في غير موضعه
فلن يضيع جميلٌ أينما زُرعَ
آخر الكلام: لقد وزع الأجداد والآباء «الخبزة» دافعة بلاء لعدم وجود المال وهي المتوافرة لكن الأحفاد اليوم مطالبون بإخراج «النوط» اي الدينار لسد حوائج الناس فما عادت «الخبزة» غذاء الفقير يا صاحبي، لأن هناك العديد من الجمعيات التي توزع فائض الأطعمة وهي ما لذ وطاب من البوفيهات!
يا صاحبي قال تعالى: (ولتكن منكم أُمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون.. آل عمران 104).
زبدة الحچي: يا صاحبي هناك من عليه رسوم أقساط مدرسية او إيجارات فائتة للسكن او (ضبط وإحضار) وهو ليس بحاجة الى خبزتك، بل إلى دينارك وهذه أحسن صدقة يا الحبيب العوي!
ما أحبه فيك «الأعمال الصالحة» والخير أراه في «المعرفة» والشر الوحيد هو «الجهل» وليس لي إلا «الصبر» وأنا صابر!