[email protected]
هو رجل نشط بكل المقاييس بعطائه ومسؤولياته «أستاذ جيل كامل» أحسبني منهم وآخرين ليضع بصمته وعلمه إذن.. المقصود أستاذنا الذي رحل الأستاذ إبراهيم الشطي - رحمه الله، قائد من الزمن الجميل لا يعوض.
أستاذنا القدير تخرج في جامعة القاهرة ـ قسم الجغرافيا عام 1954 ثم أكمل دراسته في بريطانيا وتخرج عام 1958 ثم عين مدرسا للجغرافيا بثانوية الشويخ ثم مشرفا عاما للبعثات التعليمية في لندن ثم وكيلا مساعدا لشؤون الإذاعة والتلفزيون والصحافة والنشر في وزارة الإعلام من عام 1961 إلى عام 1964، انتقل إلى وزارة الخارجية مديرا للإدارة السياسية، ثم مديرا لمكتب سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد - رحمه الله ـ بالديوان الأميري.
أمثال هذا (الجيل الجميل) تجد أن مشوارهم العملي والوظيفي صقلهم وأكسبهم الخبرة، لأنهم تدرجوا، فتاريخ أستاذنا (إبراهيم الشطي) يبهرك بمحطاته، نقلات محسوبة وكل محطة نجاح.
في حياته محطة غير التدريس والخارجية، وهي حبه للطبيعة والأسفار والبحار والفلك، حوّل هذا الحب إضافة الى هوايته القراءة والتصوير إلى (اتجاه جديد)، حيث امتهن (مقدم البرامج) العلمية، وكان نجما تلفازيا وإعلاميا في وقته، كما أنه واحد من مجموعة سعت إلى تأسيس الجمعيات واتحاد التعاونيات.
كان يحدثنا في جلساته عن أيام الدراسة في القاهرة وبريطانيا، وذكريات التدريس والإدارة المدرسية خاصة عن ثانوية الشويخ.
كنت في شبابي معجبا بتكوينه الفكري والثقافي وطريقة تفكيره وتعامله مع التيارات وأعضاء مجلس الأمة والقامات السياسية الوطنية والمعارضين، كان يذكر لنا انتقاله الى الخارجية والعمل مع الأستاذ بدر الخالد وكيل الوزارة - رحمه الله، ثم مع الأستاذ الشاعر أحمد السقاف، وعمل في الإدارة السياسية عام 1967.
كان محبا لكتاب ألف ليلة وليلة، وعندما كان في المدرسة الشرقية قرأ كتب المنفلوطي وتأثر بما قرأه لمصطفى صادق الرافعي وطه حسين وغيرهم وذكر أكثر من مرة أنه تمنى لو حاور الكاتب عباس محمود العقاد وكان يحب أشعار أحمد شوقي، أما كاتبه المفضل فكان عبدالحميد الكاتب.
قال لنا إن (لغة المعلم) أهم لغة لأنها تتعلق فعلاً بمستقبل الأجيال.
ذكر للأخت الزميلة سامية حسين التي جمعت مقابلاتها مع الأستاذ إبراهيم الشطي وآخرين في كتاب قيم أسمته «محطات حوارية»، فكره ومحطات حياته وآرائه في كل القضايا حتى انها وثقت مرحلة (التلمذة) التي مر بها في القاهرة، وقابل في بدايات حياته الرئيس جمال عبدالناصر وقادة الثورة في نادي الضباط بالزمالك، وبين كيف تحولت (جامعة فؤاد الأول) إلى أن صار اسمها جامعة القاهرة.
وأوضح أنه حضر فيلما لأم كلثوم في سينما ريفولي.
ومضة: رحل معلم الأساتذة وهو يلخص حياته باللحظة الحاسمة لحظة الغزو العراقي الغاشم للكويت ثم لحظة التحرير بعد ذلك، لحظتان جمعتا الحياة بكاملها.
أعجب سؤال سألته الزميلة سامية حسين: لو عاد شريط العمر فماذا تختار؟
أجاب قائلا بثقة الأساتذة العالمين: أقف عند عمر العشرين.
ناقشني أكثر من مرة في قضية الصرف الإعلامي على العمل الخيري فنصح بضرورة أن يبتعد (العمل الخيري) عن البذخ في الطباعة الأنيقة المكلفة لأن هذه التكلفة تتناقض مع رغبة المتبرع في صرف المبلغ على العمل الخيري بكل احتياجاته، وكنت أرد بأن بعض المتبرعين بدأوا فعلا يخصصون مالا للدعاية والإعلان لتسويق العمل الخيري وقال: إذن لا ضرر ولا ضرار.
آخر الكلام: قال عقب الاحتلال العراقي إن القومية العربية اندثرت منذ 2/8/1990.
زبدة الحچي: تعرفت عليه عام 1982 عندما دعوته كمقرر عام للمؤتمر الـ 13 (المعلم في الوطن العربي) وقد أكرمني بالحضور ثم بدأت علاقة أستاذ بتلميذه ومحبه، وما يعجبني في الأستاذ إبراهيم الشطي أنه كثيرا ما يخرج من عباءة منصبه ليوضح لك مشاعره الوطنية أو يتحدث معك كمواطن بعيدا عن منصبه المعروف مديرا لمكتب سمو الأمير.
فسر لنا (الأمن الاستراتيجي) بوجود أنظمة عاقلة تعرف كيف تحكم البلاد وتديرها.
الدعاء له
«اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين».
«اللهم أنزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا».
«اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار وارزقه الفردوس الأعلى من الجنة».
«اللهم يا ربنا إن (أستاذنا ومعلمنا) في ذمتك وحبل جوارك فقِه فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم».
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم آله وذويه وطلابه وإخوانه في هيئة رابطة الاجتماعيين الصبر والسلوان.
وإنا على فقدك أستاذنا المربي إبراهيم الشطي لمحزونون.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.