[email protected]
في محطات العمر، يقف كل واحد منا امامها ويتسع المشهد كلما كبرنا، كل شيء متحرك الا «محطة العمر» ثابتة، تتغير الوجوه والاماكن والاحوال والاعمار والاجواء، منها ما تذروه الرياح ويذهب ويغيب، وهناك الثابت والمتحرك والعزيز والمؤلم والمفرح، هكذا يمر العمر، تزهو السنوات او تخبو وتختلف من واحد الى آخر وقطار العمر يمضي، نكبر ونشيخ، وتتلاشى الامنيات والاحلام ونقولها بصوت ضعيف «يالله حسن الخاتمة».
وانت اليوم في استراحة الاسبوع «فكر ايجابيا» بسنوات عمرك، واعلم انك ان مد الله في عمرك ستمر بكل المحطات، 20، 30، 40، 50، و60، 70، 80، 90، 100، بعدين الامر صعب، وكما يقولون: العملية انتهت!
في زحمة الحياة لا تنسى ان تستمتع بكل هذه المحطات، وستكون محظوظا ان وصلت إلى الـ 60 وانت لا تعاني من سكر أو ضغط أو قلب أو كلى أو.. أو.. أو، هنا حتما ستكون انت غير كويتي!
هناك من يشعر بالخوف عندما يتقدم به العمر، ولهذا انا ادعوك منذ اللحظة الى ترك «الوسواس الخناس» والاستمتاع بمحطات العمر المختلفة.
من علامات التقدم بالعمر ان انكسرت وانزويت وقلت خلاص راحت علي!
هذا بداية الدخول في الشيخوخة وعالمها المتهالك، لكن ان قلت انا شباب فأنت كذلك، هذا الشعور سيعطيك اكسير الحياة.
هكذا هي الدنيا تكون صغيرا، تتمنى ان تكون كبيرا، واذا كبرت وشبت يعاودك الحنين الى الشباب!
هناك من يتضايق وهو في الستينيات اذا قال له الناس يا عم! او اذا حاولوا تقديم خدمة له او تقديمه في الدور او مساعدته لحمل اكياسه او اعطائه كرسيا للجلوس.. لا تجعل هذه الامور امرا مروعا ولحظات قاسية.. بل تقبلها «مشكورا» واستمتع بخدمات الناس لك واظهر شكرك وعرفانك بما يقومون به.
رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بدأ الوحي ينزل عليه في سن الاربعين وهي «المحطة الناضجة»، وامنا خديجة رضي الله عنها انجبت كل اولادها وبناتها في سن الاربعين.
اذن ايها القارئ الكريم، بيدك انت فقط ممارسة الشعور بالرضا او عدمه!
قال الشاعر:
وما العمر الا الخسرُ والوهم ان خلا
من الفضل والتقوى وخوف من الذنب
لا شيء صدقني يستحق الحزن او الندم عليه، نحن خلقنا لاعمار الارض والموعود «جنة عدن» وفردوس وديمومة ابدية، فَلِم تحزن على الدنيا، ازرع فيها تحصد الآخرة.
ومضة: الوصية هنا ان نغتنم محطات اعمارنا «خير الناس من طال عمرهُ وحسن عمله».
العمر «عداد ارقام» لأيام وانني ارى العمر الحقيقي هو ان تبقي «قلبك وروحك الجميلة» محاطة بالشعور بالرضا والسعادة.
تذكر عزيزي القارئ الكريم: الوقت يبقى ونحن نمضي، لهذا ادعوك ان تتعرف الى كيفية استخدام الوقت والاستفادة منه.
يقول الشاعر يعقوب الرشيد رحمه الله:
العمر ان تسألني ما امانيه
وكيف املأ الدنيا لياليه
للحب احمله، للخير ارهنه
للعز ادفعه، للمجد اعطيه
آخر الكلام: محطات عمرك لا تقاس بالسنوات وانما ماذا قدمت؟
كلنا نقع بالاخطاء والسؤال: لِم نكرر الخطأ؟
زبدة الحچي: نعرف ان الله عز وجل خلق الجن والانس للعبادة واعمار الارض من نسل آدم وحواء، وهناك من يعمر الى ارذل العمر، وهناك من يسترد الله امانته فيه في اول عمره، وهكذا تمضي الحياة والحقيقة: ان الانسان، اي انسان، يعرف متى ولد وبدأ ولكنه لا يعرف ابدا كيف ينتهي!
اذن الانسان مخلوق يبحث في كل محطاته عن معنى وكينونة!
اعماركم محطاتكم.. الأربعون سنة الاولى هي النصوص، والثلاثون سنة التي تليها هي التعليق.
في أمان الله.