[email protected]
نسمع أثناء الأحاديث كلمتين مترادفتين «العرق دساس»!
وجل معناها: إذا تزوج الرجل من منبت صالح، جاء الولد يشبه أهل الزوجة في الأعمال والاخلاص وعكسه.
وجاء هذا اللفظ في توصية الرسول صلى الله عليه وسلم: «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس».
هناك من يقول هذه أحاديث لا يقوم لها سند ولا يحتج بها ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن الدارج عند الناس اليوم ان المعنى هو الاختيار في الزواج يكون من أصحاب الدين والمروءة والحسب والنسب للمصاهرة!
الحديث الصحيح الذي يختار به هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة.
وأيضا حديث: تنكح المرأة لاربع، لمالها وجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
وجاء في الأثر قصة توضيح ما معنى «العرق دساس»:
أتى شخص الى البلدة وهو ينادي انا سياسي احل المعضلات والمشاكل بين الدول، بين العشائر وبين الشخصيات، انا سياسي..
يسمعه الحاكم وهو جالس في قصره فيقول لرجاله: آتوني بهذا المنادي. دخل الرجل وبعد التحية والسلام يسأله الملك:
أنت سايس؟
قال السياسي: «هو في الواقع سايس للخيل».
قال له: لا أنا سياسي.
فقال الحاكم: لا أنا سمعت أنك سايس.
واليوم تم تعيينك عندنا سايس للخيل.. ولي فرس احبها وأريد منك أن تسوسها.
رد السياسي: أنا لست «سايس».. أنا سياسي!
قال الحاكم: قلت لك انك سايس والا أعدمك!!
فما كان من الرجل الا الامتثال لأمر الحاكم خوفا من الاعدام فتسلم الفرس من السايس السابق، وحذره قائلا: هذه الفرس اعز على الحاكم من روحه احذر ان تخبره عن عيوبها والا يقوم بإعدامك!!
التفت السايس الى الحاكم قائلا: مولانا أما تعفيني؟
قال الحاكم: كيف اعفيك.. قد عينتك سايسا فنادى على خدمه: احضروا للرجل غرفة وفراشا واعطوه ثلاث وجبات مرق وأرز ليباشر مهمته ويسوس الفرس.
باشر الرجل عمله وبدأ يسوس الفرس وبعد عشرين يوما هرب خوفا من الحاكم فأمر الحاكم بإحضاره وسأله: لماذا هربت؟ ربما انك قد وجدت عيبا في الفرس؟!
قال الرجل: مولانا اعفيني.
قال الحاكم: الآن تخبرني ماذا وجدت في الفرس والا اعدمك.
فقال الرجل: اذا اعطني الأمان.. قال الحاكم: لك الأمان.
قال الرجل: هذه الفرس أصيلة أصيلة.. وكل من اخبرك انها رضعت من أمها الأصيلة اسمع ولا تصدق!!
حمل الحاكم سيفه لقطع رأس الرجل وقال له: كيف تقول عن فرسي انها لم ترضع من أمها، وأمر خدمه برمي الرجل في السجن وأرسل في طلب الوزير الذي أهداه الفرس.
اتى الوزير فسأله الحاكم قائلا: كيف تعطيني هذه الفرس وهي لم ترضع من أمها الأصيلة؟!
قال الوزير: مولاي سامحني لقد ماتت أمها عند ولادتها.
قال الحاكم: ومن ارضعها؟ اجابه الوزير: لم يكن لدي الا بقرة نمتلكها قامت بإرضاعها.
قال الحاكم: اذا ما قاله السايس صحيح.. فأمر الحاكم بإخراج الرجل من السجن وقال له: يبدو انك لست رجلا هيناً الآن اخبرني كيف عرفت ان الفرس لم ترضع من امها؟
قال الرجل: الفرس الأصيلة عادة تأكل في معلف او تعليقة في رقبتها تأكل منها وهي مرفوعة الرأس، أما فرسك يا مولاي فإنها تبحث عن الطعام في الأرض مثل البقر.
الفرس الأصيلة لا تضع رأسها في الأرض دائما ترفعها.
فقال الحاكم للسايس: احسنت.. وقال للخدم: خذوا الرجل.. اعطوه دجاجا واطعموه جيدا.
وامره ان يسوس زوجته الأميرة وقال: سوف الحقك بخدمتها!!
توسل الرجل: مولانا اعفيني.. جزاك الله خيرا..
قال الحاكم: ابدا هذا امر وعليك تنفيذه.
وامر احد غلمانه ان يذهب للأميرة يخبرها ان هناك خادما جديدا وسيكون نديما لها ومستشارا بأمر الحاكم ولها ان تطلب منه قضاء حاجاتها!!
دخل على الأميرة وسلم عليها، ثم بعد فترة من الزمن قال له: قل ماذا وجدت؟
فقال الرجل متوسلا الى الحاكم ان يعفيه إلا أن الحاكم أصر على ان يعرف منه ماذا وجد في الأميرة.. قال: لك الأمان قل ماذا وجدت؟
قال الرجل: انها تربية الحكام وشرف حكام وأخلاق وكرم الحكام.
لكن من يقول لك انها ابنة حاكم اسمع ولا تصدق!!
جن جنون الحاكم وقال له: كيف تقول ان زوجتي ليست أميرة؟
فأمر بسجنه وقطع الطعام عنه، وذهب الى أم الأميرة وأبيها وهو حاكم البلدة الثانية ليستوضح الأمر منهما.
فقال لهما: اخبراني وإلا قمت بذبحكما الآن، هذه البنت ابنة من؟
فقالا له: اعطنا الأمان ونحن نخبرك وقصّا عليه قصة البنت: كانت ابنتنا لك وانت لها.. وهذا كان اتفاق بيني وبين ابيك الحاكم منذ كان عمرها سنتين، وكان أبوك حاكما ظالما وقد اصابت ابنتنا الحصبة وماتت.. وفي هذا الوقت امرنا ابوك بإجلاء الغجر عن المنطقة.. وهؤلاء الذين عملهم الرقص والغناء طردناهم وحرقنا بيوتهم وخرجت بنفسي لأرى هل تم تنفيذ الأمر ام لا.
فوجدت هذه الطفلة عمرها عامان وحدها قرب الوتد فأخذتها وقمنا بتربيتها.
رجع الحاكم لبلدته وأمر بجلب الرجل من سجنه وسأله: كيف عرفت انها ليست ابنة حكام وهي وعمرها سنتان قد تربت عند حكام وعاشت معهم حتى هذا العمر الذي تزوجتها فيه؟
قال الرجل: مولاي قلت لك انها تربية حكام وكرم وشرف واخلاق، لكنها ليست ابنة حكام، لأن عندها غمزة بعينها تتغامز «ترمش» عندما تتكلم، وهذه من «عادات الغجر» فهم يتغامزون عندما يتكلمون.. وهذه العادة ليست عند الامراء، لذلك عرفت انها ليست ابنة أمير.
فقال الحاكم: هذا الرجل كارثة!
اطعموه خروفا في الصباح وآخر عند الغداء وثالثا عند العشاء.. وتجلس هنا لتسوسني!!
هنا اضطربت فرائص السايس واحتار كيف يتخلص من هذا المطب، وحاول وتوسل لكن لا فائدة.. أصر الحاكم على ان يقوم الرجل بمهمته الجديدة فقال الرجل: اسوسك مولاي؟
قال الحاكم: نعم.
هرب الرجل من ليلتها فجلبه وقال له: على ما يبدو اني مكشوف لك.
قال السايس: انت من قال لك انك ابن حاكم؟ اذهب وابحث عن اصلك.. فذهب الحاكم الى امه وقال لها: انا ابن من؟ اليوم اريد ان اعرف.
فقالت له امه: كان أبوك ظالما ولا ينجب.. يتزوج البنت وبعد تسعة اشهر اذا لم تلد يذبحها وعلى هذا المنوال قضى على نصف بنات البلدة حتى وصل الأمر لي.. فماذا علي ان افعل؟! اما ألد او يذبحني.. وكان في القصر طباخ.. انت ابنه.
أتى الحاكم الى السياسي وسأله انت كيف عرفتني؟!
قال له: انت معروف يا مولاي.. الحاكم عندما يعطي ويهب يعطي ذهبا وفضة.. اما انت فتعطي مرقا وأرزا ولحما ودجاجا.. والذي يرافق الطباخ ماذا ينال منه؟! عندما يرضى عليك يعطيك طعاما.. وعندما يغضب يقطع عنك الطعام.
ومضة: الحكمة المستنتجة: صدق من قال: العرق دساس!!
آخر الكلام: قصة من التراث توضح مقولة العرق دساس.
زبدة الحچي: احذروا «العرق دساس» خاصة في الزيجات والعمل المشترك!