[email protected]
بالأمس مساءً ذهبت إلى (غيت مول سينما) في العقيلة لمشاهدة فيلم «روبن هود - Robin Hood» معتقدا أنني سأشاهد كالعادة أحد أفلام (روبن هود المكررة التي لطالما شاهدناها في فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات)، وتخص شخصية روبن هود الانجليزية التي ورثت في الفلكلور الانجليزي وتمثل شخصية (فارس شجاع) عاش في العصور الوسطى وكان يتمتع برشق السهام وانه يحارب (الأغنياء) ليطعم (الفقراء) وضد (الظلم والطغيان) وكان اختباؤه في (غابات شيروود) في محافظة نوتنغهام شاير بالقرب من مدينة نوتنغهام ولهذا سمي برجل الغابة!
الجديد في فيلم روبن هود أنه يحمل ثنائيات متناقضة في (الصراع الطبقي) بين الأغنياء واللوردات وأصحاب النفوذ والصليب والعرب!
احتوى الفيلم الذي صور في (كرواتيا وهنغاريا) على كم هائل من الصور التي تنقلك الى العصور الوسطى واستطاع الثنائي بطلا الفيلم روبن هود الذي قام بتمثيل دوره بجدارة جيمي دورنان وليتل جون (الأسمر) الذي مثل دور العربي المسلم (يحيى بن عمر)، ترشيد حراك ثورة ضد التاج الانجليزي!
وكأنهم يقولون لأمّة ما وراء البحار (أمة العرب والمسلمين) ليس لكم إلا التحالفات مع القوي!
أما ايف هيوسون - التي قامت بدور (مريان) فهي كالعادة المرأة التي تنبض (بالحب والرومانسية والجمال) حتى في زمن الحروب!
لقد استطاع عمدة (نوتنغهام) تجسيد دور (التاجر المرابي) الذي يجني الأموال لصالح الكنيسة ولشخصه!
أما مدينة (نوتنغهام البريطانية)- وهي في الوسط من بريطانيا- فهي إحدى أكبر عشر مدن بالمملكة المتحدة حجما وتقع على نهر الترينت الذي يصب في نهر الهمبر، فاختيارها في الفيلم لم يكن (عشوائيا) فهي اليوم بها الأسواق العربية والمساجد وجالية إسلامية عريضة، والجالية العربية هناك من أكثر الجاليات تواجدا في المدينة (ومن هنا لا غرابة إن كانت هذه المدينة تمثل حقبة أو ربط ما ذكرت من معلومات تاريخية).
بقي أن أذكر أن في الكويت مدرسة تحمل اسم هذه المدينة اسمها (مدرسة نوتنغهام) في منطقة جليب الشيوخ!
الفيلم من إخراج المخرج المبدع أوتو باثيراست والنص ألّفه وكتبه بن تشاندلز وكتب السيناريو جيمس كيلي استنادا الى التاريخ (مرجعا)، وإلى الإنسانيات في تجسيد المتناقضات والمتضادات وكم عظيم من الإسقاطات مثل:
- الخير والشر.
- السلطة والنفوذ والفقر.
- التجمعات الكنسية والاسلام.
- العمدة - اللوردات - روبن هود - يحيى بن عمر وعشيق مريان وغيرهما من طواقم.
- طبقة الأشراف من الدماء الزرقاء والمسحوقين من الفلاحين والعاملين في المناجم.
كل ما ذكرت وظف بشكل صحيح تاريخا ولباساً ومواقع طبيعية من هنا وهناك!
الفيلم فيه (مبالغات كثيرة) في المعارك (تفوّق على الفيلم الهندي)!
أعجبتني لغة الحوار وأيضا الديكورات والاكسسوارات المستخدمة.
أبطال الفيلم أجادوا تجسيد أدوارهم خاصة الرئيس والعمدة وحامي الصليب.
وفي الطرف الآخر روبن هود ويحيى بن عمر وعشيق مريان وطبقة المسحوقين من عمال مناجم وفلاحين ورعاع!
توصيل رسالة إنسانية بأن الإنسان الصليبي مع الإنسان المسلم يمثلان (التعايش والتعاهد والعمل معا) وكل منهما يقوم بالتوازن في حكم الأرض ومن عليها.. ويقصد بهذه المعاهدات والتحالفات إسقاطات عميقة وتشير من بعد إلى التحالفات وأنماط الصراع وفيها إشارة الى الحملات الصليبية والدور الانجليزي المتوارث لأنها (الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس)!
هناك الكثير من (إسقاطات الواقع) تنطبق على ما يرمي إليه الفيلم من (القيادة الصليبية والمشاركة الاسلامية) في زمن (القوى السياسية - والبعثات الصليبية) وما تم في عصورها من (نهب الجبايات) التي كانت تجمع من الناس وما نتج عن هذه الحروب!
٭ ومضة: في الفيلم حاولت التركيز في قضية (الصراعات) ووجدت أنها تعكس في الفيلم (حالة من الرضا) عن التحالف الصليبي مع التحالف العربي المسلم، غير أن (الواقع غير) خاصة على المستوى الدولي فتعكس اليوم حالة من تعارض المصالح أو اختلال القيم بين مجموعة بشرية وأخرى!
واضح جدا.. غرب مسيحي، مشرق إسلامي!
وقفت طويلا أمام شخصية روبن هود وهو يقف مع يحيى بن عمر عندما تم تعذيب ابنه وكيف أعلن موقفا حاسما بأنه ضد قتله ودافع عنه.
وحيرني أكثر موقف يحيى بن عمر الذي كان خلال الفيلم (خير) من مثّل شخصية العربي المسلم الواثق بنصر الله له لأنه مظلوم وشجاعته وإقدامه لم (يظهرانا) بالعجزة كما نحن الآن!
٭ آخر الكلام: برز التراتب الطبقي الذي تم من خلاله تصنيف الناس الى مجموعة من الفئات الإنسانية (المسحوقة) وأخرى (زرقاء - هرمية) وواضح انه لم يحسم (الصراع) بدليل ان (عشيق مريان) قبل بالمنصب من التاج الانجليزي في نهاية الفيلم وجاء (سهم) روبن هود ليخرق قرار تعيينه وكأن المخرج يقول لنا: تابعونا في النسخة الثانية من روبن هود، لأن آفاق الصراع مفتوحة كما نرى اليوم!
٭ زبدة الحچي: ويبقى (الانجليز) حتى اليوم هم الامبراطورية التي لا تغيب عنها الأحداث وهم لا يزالون (لاعبين) مهرة في السياسة والحرب!
كل أفلام روبن هود إنما جاءت لتؤكد حقيقة جلية أن بريطانيا تملك (الدهاء السياسي والأصالة التاريخية) وستظل في قادمات الأيام هي التي تصنع الأحداث خاصة في (دولنا الخليجية) وسيبقى (يحيى بن عمر) مغلوبا على أمره مهما طال الزمن طالما ابتعدنا عن دائرة (الإسلام) الذي أدخل نفق الإرهاب تعميما للأسف!
نعم لم تعد بريطانيا (القوة الأعظم) لوجود الولايات المتحدة، إلا أنها لاتزال تتحكم بالقرارات الدولية وكأننا نقول بالضبط: لم ينته عهد الاستعمار.. فأدواته ودوله موجودة!
بريطانيا تتجسد في الأفلام التاريخية دائما بأنها أحد أبرز رموزه وأركانه من خلال الأفلام.. وما روبن هود وغيره إلا إحدى هذه الشخصيات الملهمة، وما يحيى بن عمر إلا (نحن) أمة العرب.. وسنظل في نومة أهل الكهف بعيدا عن الاستثمار في الأفلام!.. لهذا ذهبت وكتبت.. شكرا لمن نصحني بأن أذهب لمشاهدة واقعنا المرير!