[email protected]
الدول تمتلك نوعين من مصادر القوة، القوة الصلبة، والقوة الناعمة، لا يوجد إنسان في الدنيا إلا وله قوة ناعمة.
دائما «النعومة» تذكرنا بأشياء كثيرة جميلة في حياتنا ولهذا جاء تصنيف المرأة بالناعمة والرجل بالخشن!
موضوعنا اليوم «القوة الناعمة»!
ما معنى القوة الناعمة؟
في الكويت مثلا.. أين تكمن قوتها الناعمة؟ في ديموقراطيتها مثلا؟!
هل وسائل التواصل الاجتماعي.. «قوة ناعمة» أمام الإعلام التقليدي؟
هل «القوة الناعمة» هي قوة حقيقية، أم وهمية؟!
هناك من ينظر إلى القوة الصلبة على أنها الجيوش والموقع الجغرافي والموارد الطبيعية والمستوى الثقافي والاقتصادي والموارد البشرية!
وهناك من ينظر اليها على أنها الديموقراطية والديبلوماسية والاستثمارات الخارجية!
أنا شخصيا أعتبر «العمل الخيري والدعوي والتطوعي» هو القوة الناعمة التي نفخر بها أمام شعوب العالم.
العالم اليوم كله بين فكي هذين المصطلحين «القوة الحادة - القوة الناعمة».
بينما عالمنا «شوربة» للأسف!
ما يدور في رأسي حاليا هو: هل تستطيع «القوة الناعمة» أن تسقط دونالد ترامب؟
دعوني أعرّف لكم في البداية القوة الناعمة وهي: «مصطلح إنجليزي Soft Power وقد صاغ هذا المصطلح الأستاذ جوزيف ناي من جامعة هارفارد لوصف القدرة على «جذب وضم» دون إكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع، وبدأ هذا المصطلح في الانتشار والتأثير على الرأي الاجتماعي والعام وتغييره من خلال قنوات أقل شفافية نسبيا والضغط من خلال المنظمات السياسية وغير السياسية!
صاغ جوزيف ناي هذا المصطلح في كتابه الذي صدر عام 1990 بعنوان: «مقدرة القيادة» قاصدا القوة الأميركية المتغيرة، ثم طوّر هذا المفهوم في كتابه الثاني الذي صدر عام 2004 بعنوان «القوة الناعمة» وسائل النجاح في السياسة الدولية وسرعان ما انتشر المصطلح على نطاق واسع في الشؤون الدولية من قِبل المحللين والسياسيين.
في هذا السياق، واضح أن اللفظ «إنجليزي» لكن الانتشار والتطبيق «أميركي»!
الدول المتحضرة لا «المغبرة» مثل أمة العرب تعنى اليوم بالقوة الناعمة لأنها للدولة «قوة روحية» ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق ومن خلال الدعم في مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية والثقافة والفن، مما يؤدي بالآخرين إلى احترام هذا الأسلوب والإعجاب به، ثم اتباع مصادره وهم الإنجليز والأميركان!
ومضة: «القوة الناعمة» اليوم نمط معين لمعالجة الأزمات والتصدي للتحديات التي تواجه الديبلوماسية الدولية والتحالفات السياسية والمعاهدات الاقتصادية؛ أي بمعنى أدق إن «القوة الناعمة» هي زيادة نفوذ واستراتيجية عن طريق تعزيز سمعة ومكانة الدول إقليميا وعالميا!
هذا يعني تطويع الحلفاء للسياسة الخارجية في المجال الديبلوماسي!
هذا المصطلح انتشر الآن في مرحلة ما بعد الحرب الباردة وخاصة أن الولايات المتحدة وتليها بريطانيا وأوروبا يسعون حثيثا لجعل كل الأطراف في هذا العالم تخضع لمركزهم القيادي في العالم!
وأميركا بكل صراحة نجحت إلى حد كبير في تطبيق قوتها الناعمة من خلال الثقافة والأيديولوجية والديموقراطية، إضافة إلى «سوقها الحرّ» بتبني الرأسمالية ورفع شعار الليبرالية وحقوق الإنسان «لكن الكيل بمكيالين» حسب المصالح!
آخر الكلام: تكمن «القوة الناعمة» في الكويت في أنها الدولة الخليجية صاحبة أول دستور مكتوب في المنطقة ولها صندوق خاص بالتنمية وأول من بنى الجامعات والمستشفيات وكانت «خطوطها» شركة طيران الكويت قد حققت أكثر من 50 عام طيران آمن!
لديها أول تلفزيون وإذاعة ومجلة العربي، وتجربة التعاونيات والسبق الرياضي، والشهادة لها بالديموقراطية، ودورها في دول «مجلس التعاون الخليجي» ولها رصيد عالمي من الإنجازات الشعبية طموحا وثقافة، وما خطتها لإحياء طريق الحرير؛ إلا واحدة من خططها الناعمة لاستعادة الدور الريادي مرة ثانية.
زبدة الحچي: حققت (الميديا) ووسائل التواصل الاجتماعي في الكويت نجاحا كبيرا وانتشارا أثر على جميع مناحي الحياة، خصوصا صناعة وتوجيه الرأي العام، وفي مختلف جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحراكية!
ومن الثابت أن الإعلام الورقي التقليدي لايزال متصدرا بالمصداقية وهو لا يقلّ أهمية من «قوته الناعمة» في وسائل الاتصال الاجتماعي بفروعها العنكبوتية في شبكات الإنترنت وتصاعد مكانة الإعلام الإلكتروني كقوة ناعمة ضاغطة كمنافس حقيقي للصحافة الكلاسيكية التقليدية!
«القوة الناعمة» غير «القوى الناعمة»!
«القوة الناعمة» مفردات وتعريفات و«القوى الناعمة» جيوش وأحزاب وتنظيمات، إنها اليوم الثورات البحثية والألفاظ والأساليب المسيطرة على حياتنا في المبادلات الثقافية وطريقة الاتصال كنموذج ملهم إلى شعوب العالم.
أحيانا «القوة الناعمة» (تضغطنا) خاصة في «الخلافات والاختلافات» وهنا يبدأ الحياد بالتآكل كلما كثر الضغط في مشكلة من المشاكل بحكم الجغرافيا والمصالح، فما أحوجنا إلى «سور حقيقي» من «القوة الناعمة» لنفتح نافذة إلى المعرفة والتحرر، استنادا إلى قوتنا الناعمة وهي العمل على أن تكون مصلحة الكويت وشعبها فوق أي اعتبار، خاصة أننا اعتمدنا في وجودنا على الله سبحانه وتعالى خلال (300) عام خلت، ثم على ثوابتنا الكويتية من تاريخنا المجيد.
الخلاصة أن والدنا قائد الإنسانية الشيخ صباح الأحمد - حفظه الله وأطال في عمره ـ هو مؤسس ومطبق «القوة الناعمة» بطريقته وحكمته مع شعبه وخصومه. هو أيقونة «القوة الناعمة» و«القوة الحازمة».. وقت الشدة والرخاء.. في أمان الله.