[email protected]
تذكرون «مدرسة المشاغبين»؟
أحدثكم عن تجربة أميركية طبَّقت (الإيحاء بالخدعة)!
في إحدى المدارس الأميركية بمنطقة فقيرة (صف دراسي) قمة في الشغب والمشاكل والإهمال واللامبالاة، مجاميع طلابية من أعراق مختلفة في الأصل والجنس والعرق!
كل هؤلاء جمعتهم إدارة المدرسة في صف واحد وحددت مجموعة من المدرسين الأشداء لضبطهم وتعليمهم، ومع تكرار المحاولات وجدوا أنه لا فائدة تذكر من هذه التجربة الفاشلة!
أحد الباحثين سمع بقصة هذه المدرسة، فاقترح على إدارتها مجموعة من الاختبارات العلمية لجعل الطلبة (عاديين)!
وافقت المدرسة لأنها اعتبرت هذا (تحصيل حاصل) والوقت ضائع مع هؤلاء الطلبة المشاكسين، وعندما سألت إدارة المدرسة هذا الباحث عن تجربته التي ينوي تطبيقها، قال لهم: إنها تمثيلية كبيرة ومُحكمة!
طلب أن ينشر أن لجنة كبيرة قادمة من الخارج لتقييم كل الصفوف بما فيها هذا الصف العجيب!
وأن هذه اللجنة (علمية) وستحدد أكثر صف عبقرية وذكاء، وستعطي جوائز كبيرة للصف الفائز، وسيكون لهذا الصف حق الاشتراك في مسابقات على مستوى الدولة، وهذا أحدث ضجة كبيرة في أوساط الطلبة بالمدرسة!
وفي اليوم الموعود، حضرت هذه اللجنة بكل أعضائها وشكلها الرسمي وأجرت اختبارا من خلال أسئلة غريبة شاركت فيها كل الصفوف بما فيها (صف الطلبة المشاغبين)!
غابت اللجنة أكثر من أسبوع ثم حضرت إلى المدرسة مرة أخرى بعد التحضير لاحتفالية كبيرة لإعلان (الصف الفائز)!
هنا حصلت المفاجأة غير المتوقعة، حيث (أُعلن) أن صف المشاغبين هم الفائزون وأنهم حصلوا على أعلى الدرجات، واكتملت الخدعة الكبيرة بتعليق (صور الطلبة المشاغبين) في ردهات المدرسة وأخذوا الجوائز وأصبحوا حديث كل من في المدرسة، وبالفعل صدّق (الطلبة) هذا الإيحاء المقصود والخداع النفسي المتقن وصدقوا أنهم عباقرة وتغيرت نفوسهم ونفسياتهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم!
ولا عجب أن هذا الصف أحدث المفاجأة الثانية بأن حصل طلبته على أعلى الدرجات في المدرسة (صدقا وحقيقة)، ونجحت التجربة العلمية وأثبت هذا (الباحث) أن الإنسان يحقق ما يعتقده عن نفسه وأن صورته الذاتية عن نفسه هي التي تتحكم في حياته حتى لو كانت خداعا!
٭ ومضة: هناك (خداع حسن) زين طيب علينا تجربته بأن نوحي للفئات غير (الجيدة) أو التي بها (صخب وحوسة) أنهم عباقرة!
وأنهم أذكياء وعباقرة حتى يغيروا صورتهم الذاتية والنمطية وشحن طاقاتهم الروحية بهذه الطاقة الإيجابية!
دائما الأعذار موجودة، هناك من يحتج بالظروف والإمكانات والمشاكل والعقبات لكن لم يأت (شخص مبادر) ذكي ألمعي ليخدعنا ويقول لنا العكس!
عزيزي القارئ، إذا ما وجدت من يخدعك فابدأ أنت بخداع نفسك وقل أنا قادر على أن أعمل كذا وكذا وكذا!
٭ ومضة: أحيانا نمارس الكذبة البيضاء كي نتفادى جرح مشاعر الآخرين عندما نُسأل عن بعض الأمور ونحاول إيجاد التبريرات بغض النظر إذا كانت مقنعة أو لا!
هناك (خداع أبيض) أيضا محفِّز يندرج تحت وصف (الأبيض)!
علينا أن نشجّع (مجتمعنا) على تحفيز أصحاب الضوضاء والصخب حتى ينسجموا مع بقية أفراد المجتمع!
٭ آخر الكلام: هناك خدعة خفية وأخرى بصرية ورهيبة، لكننا لم نسمع عن (الخدعة البيضاء) وهي (باطل مختلق) نطرحه كأنه حقيقة كالكذبة البيضاء!
٭ زبدة الحچي: لست مع (كذبة أبريل) ولا أشجعها لكنني على قناعة بأهمية (الخدعة الإيجابية) كما حصل مع هذا الصف المشاغب الذي تحول إلى (صف عباقرة) فقط لوجود (مايسترو) حوّل مسار الأحداث إلى (نهاية مرتجاة) منشودة!
لست ناشدا (الخدع السحرية) والألعاب الخفية، وإنما من دعاة (الخدع المحفزة) التي ننفذها من أجل الصالح العام، فخذ بيدك أمر الخداع بأقل الأسباب المتوافرة حولك وسترى أن أشياء كثيرة تتغير مادامت النية سليمة!
٭ مسك الختام: لم اجد ابدا اجمل من ان اختم هذه المساحة بأبيات شعرية من استاذي وشيخي خالد جمعة الخراز ابا الحارث يقول:
بالله يا رسل الثقافة أوقدوا
للنشء نور العلم نهجا محكما
سمة التميز قوة نعلو بها
وبها نداني في السماء الأنجما
فعليكم ابناء قومي واجب
حمل الامانة مايزال محتما
واسعوا بميدان الحياة وغيروا
للأحسن المنشود وأتوا الأقوما