[email protected]
رسالة صوتية لنجل الفقيد الابن فتحي درويش للزميل يوسف عبدالرحمن ابالمهند
ورحل عاشق فتح، ابن مدينة «اللد» الفلسطينية العائدة!
نعم رحل (العسكري ـ المعلم ـ النقابي ـ الإنسان)!
75 عاما هي قصة عمره، منذ ولادته في عام 1944 ووفاته يوم الجمعة 4/1/2019!
رحل (عزيز كريم) من أرض الأقصى وكل سجلاته تقول إنه دافع عن قضيته دونما انهزام!
رثائي اليوم عن (أستاذي ومعلمي) درويش مصطفى عبدالمنعم عبدالنبي الملقب (أبوفتحي) رحمه الله وهو الاسم الحقيقي والحركي!
هو واحد من الكوادر (الفتحاوية) الأصيلة التي شرفت بعطائها وبسالتها حركة فتح والقضية الفلسطينية!.. يوم كانت فتح (محضن) الرجال!
هو واحد من الذين أثروا العمل البطولي بوطنيته فكان على الدوام (مشعل) هداية ونور من حملة مشاعل الفكر والوطنية الحقة والعسكرية والتدريس، وآفاق أستاذنا (درويش ـ بوفتحي).. لا تستقصى، مهما كتبنا فإنني أراني لم أكتب شيئاً، عليه رحمة الله وتقبل دعاء إخوانه له في كل مكان لأخلاقه العالية!
الكتابة عن (أبوفتحي) الآن بالذات رسالة (للفتحاوية) بثقله التنظيمي والسياسي وثقله المعنوي ووزنه القيادي!
من ذا الذي يستطيع ان يجمع تاريخا عظيما مثل هذا (القائد) الذي عمل في صمت وموضوعية، ولو حسبنا (الحسبة) وأجرينا (جردا) فلن نستطيع (مجاراته) فهو قائد ومعلم ملهم للأجيال!
بموت المغفور له بإذن الله تعالى درويش عبدالنبي خسرنا قائدا عربيا من الكوادر العاملة من أجل قضية فلسطين وهو بحق أحد البناة العظام لحركة (فتح) أيام زمان زمن الرجال، أبوجهاد، وأبوإياد، وقبلاوي والقواسمة، وسعد صايل وعلي ياسين وأبوالأديب!
من خلال عشرة قديمة وتواصل بدأت من تسلمي (أمانة السر) بجمعية المعلمين حاولت ألا أخذل أستاذي جمعة ياسين، وكان (أبوفتحي) خير من قابلت من حركة فتح في حولي ثم الجابرية، وكان يعجبني بقدرته وقدراته وبصفاء ذهنه التنظيمي والإداري على مستوى الكوادر الحزبية وهدوئه ووطنيته وإخلاصه لفلسطين وأمته العربية ودينه الإسلامي.
هو والتواضع صنوان، نادرا ما يتكلم عن نفسه وإذا تكلم أعطاك الحقائق بترتيب ذهني ومنطقي، وما لفت نظري انه صاحب معادلات في المساحات المشتركة فهو (قريب) من كل التنظيمات الفلسطينية، وكثير من أصحابه من حماس والجهاد وغيرها من المنظمات الفلسطينية!
كان رجل فلسطين بلا منازع، رجلا واقعيا، له رؤية مستقبلية في استطلاع المستقبل، ولهذا خسرنا موقعه وأهميته، وهنا أضعه في مستوى مفهوم (الرمز) للأجيال الفلسطينية.
درويش عبدالنبي ـ بوفتحي ـ ليس اسما مبهما او صورة بلا تاريخ بل (أسطورة) فلسطينية للأجيال العربية، وهكذا هو (رمز) فلسطيني يستحق منا اليوم التكريم بعدما قدم زهرة شبابه مناضلا عن قضيته.. قضية الأمة فلسطين المحتلة!.. وهو ما ناضل من أجله طوال حياته!
٭ ومضة: سبحان الله تخرج في كلية الضباط بجمهورية مصر عام 1965 برتبة ملازم غير انه حصل على الليسانس في اللغة العربية وآدابها من جامعة بيروت العربية 1979.
التحق بالعمل الفدائي انطلاقا من قطاع غزة بعد خروج أسرته من (اللد) عام 1948 لينضم الى حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بعد انطلاقتها عام 1965 والكل يعلم ان انطلاقتها بدأت من الكويت يوم اجتمع (نفر قليل) من العاملين في الكويت من مهندسين ومعلمين فكان (ساحل الصليبخات) بداية تأسيس هذه الحركة الثورية!
٭ آخر الكلام: من الغرائب ان هذا العسكري المنضبط في حياته وكأنه بالفعل أعتى عسكري، إلا انه مارس التدريس في مدرسة الإرشاد الإسلامي في عام 1965 وسرعان ما ترك عمله تلبية لنداء الواجب في الكرامة وأغوار الأردن ضمن قوات العاصفة ضد القوات الإسرائيلية، وقد رافقه في بعض شهور جهاده الشهيد البطل الشيخ فهد الأحمد والذي يعتبر رمزا كويتيا في النضال الفلسطيني!
٭ زبدة الحچي: التقى درويش عبدالنبي بالقائد الشهيد صلاح خلف في الكويت وعمل معه في جهاز الأمن الموحد وقد كلفه القائد سليم الزعنون (أبوالأديب) عضو اللجنة المركزية ومعتمد حركة فتح في الكويت والخليج العربي مسؤولا للعلاقات العامة في حركة فتح، وناطقا رسميا عنها عام 1980، وفي عام 1982 التحق برفاق دربه في لبنان خلال الاجتياح الإسرائيلي وحصار بيروت، ثم عاد الى الكويت عام 1983 بعد خروج الفلسطينيين من بيروت!
أتذكر أنني كنت أزوره والأخ (أبوناصر) أمين صندوق جمعية المعلمين وكان (بوفتحي) قد عين مديرا إداريا لمكتب حركة فتح عام 1986 وظل في هذا المركز حتى 17/1/1991، حيث أغلق المكتب نتيجة اجتياح القوات العراقية الكويت واحتلالها في 2 أغسطس 1990.
وأتذكر انه أول من أسس مجلس (الجالية الفلسطينية) وعمل وسهر من أجله وكان يتابع (الواردة والشاردة) ويحل المشاكل خاصة في غياب (السفارة الفلسطينية)!
أعجبني جدا وشجعته على رفض (وزارة التربية) في فلسطين بعد عودة القيادة الفلسطينية عام 1995 واعتذر متعللا بحاجة (الجالية) لجهوده وكان معه الحق بل كل الحق!
عندما تم تكليفه بأمانة سر حركة فتح في الكويت في ابريل 2010 كرس كل جهوده لعودة العلاقات مع كل شرائح المجتمع الكويتي وبنى جسورا حتى تمت الموافقة على إعادة السفارة الفلسطينية، وجهوده كلنا نشهد بها له ـ رحمه الله.
أبوفتحي (قامة عز) مليئة بالمنعطفات، مليئة بالإنجازات على الصعيد الشخصي والوطني والقومي، وحافلة بالتضحيات من أجل فلسطين.. والشعب الفلسطيني.. وكانت دائما كلمته الباقية: فلسطين تستحق أكثر!
أدعو الله عز وجل أن يعضد ابني (فتحي) للسير على خطى والده في خدمة وطنه وأمته، وفقه الله.
إلى روح أخي وأستاذي درويش عبدالنبي ـ بوفتحي ـ وهكذا رحل (عاشق الكويت وفلسطين) أبوفتحي فيا رب جازه عما فعل إحسانا، ارحمه تحت الأرض، واستره يوم العرض ولا تخزه يوم يبعثون.
اللهم انظر إليه نظرة رضا وأسكنه فسيح الجنان واغفر له يا رحمن، اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، فإنك أنت الله الأعز الأكرم، اللهم إنه جاء ببابك وأناخ بجنابك، فجد عليه بعفوك وإكرامك وجودك وإحسانك.
قرائي الكرام في داخل وخارج الكويت.. ادعوا لهذا (البطل) الذي استرد الله أمانته فيه!
درويش عبدالنبي.. كالبحر لا يمكن اكتشاف شواطئه البعيدة!
وكما قالوا: الرجل لا شيء إلا ما يصنعه بنفسه وقد فعل!
رحمك الله أبا فتحي الحبيب، زرعت في الدنيا لتحصد الآخرة إن شاء الله ولا نزكي على الله أحدا، وتسقط دمعات!