[email protected]
ونحن صغار على مقاعد الدراسة علمونا ان الإنسان يتغرب من أجل الدراسة أو كسب العيش او التجارة.
لكن الجيش العراقي الصدامي الباغي جعلنا نصحو على حقيقة معنى اللجوء والشتات والغربة في 2 أغسطس 1990.
كلما شاهدت شاشات التلفاز ورأيت الغربة القسرية الإجبارية من لاجئين ونازحين ويسمى هذا (إجبارا) على الغربة والتهجير.
يقولون: يعيش الإنسان الشتات.
بمعنى الفرقة، والتفرقة، وفي جهات مختلفة من هذا العالم متفرقين.
انظروا حواليكم وليس موطئ أقدامكم، لكن هناك في فلسطين والشام والرافدين واليمن وليبيا.. بالله عليكم ماذا تشاهدون؟
أوطان هدمت وخربت وتم تهجير الملايين من ديارهم تحت حجج واهية فشاهدنا الشتات والغربة واللجوء!
عاش أهلي في الكويت وخارجها كل هذه المسميات من لجوء الى الدول المجاورة والبعيدة والغربة خارج الكويت وداخلها نتيجة «وجود وحوش آدمية بثوب الإنسان».
وأيضا مارسنا وعانينا «الشتات» متفرقين هنا وهناك!
٭ ومضة: اللجوء يعني باختصار هو اللجوء الى مكان آخر نتيجة الاضطهاد بسبب الآراء السياسية او المعتقدات الدينية حتى يتمكن الطرف الأضعف من ممارسة حقه ويجد الحماية!
هناك لجوء سياسي معمول به في كثير من الدول يحمي هؤلاء اللاجئين وعديمي الجنسية ولهم مكتب حكومي!
هناك دول أوروبية وأيضا الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والدول الاسكندنافية تحمي هذا اللجوء الإنساني بينما أمة «العرب ولا إله إلا الله» في سبات عميق، اللهم إلا لأغراض سياسية فهي تفعّل هذا اللجوء الإنساني؟
واضح ان أمة العرب اليوم منكوبة بالحروب، وكثير من الأسر الشامية والعراقية والفلسطينية واليمنية «عانت» كثيرا من هذا اللجوء!
ومن يقرأ التاريخ ويعيه يعرف ان اللجوء كان موجودا قبل وبعد الديانة المسيحية عند الفراعنة واليونان والإمبراطورية الرومانية، وفي العصر الحديث في الثورة الفرنسية، اما في الإسلام فكلنا يعرف هجرة المسلمين الى «الحبشة» من مكة المكرمة، بعد اضطهاد قادة قريش لهم، وايضا لجوء اليهود من النمسا وألمانيا بسبب ظلم النازية!
آخر الكلام: لا تقولون لي عن «غربة النفس» فهذا مقدور عليه، أما الغربة التي أقصدها فهي «غربة الوطن» يوم ان يحتل الوطن او تطرد منه او تهاجر او تلجأ بعيدا عن أهلك ودارك ومربى صباك!
لا أعرف هل هو شعور جميل أم قبيح أن تشعر وأنت في «عز محنتك» بأنك وسط صراع بين شعور بحتمية العودة وآخر بطول الغربة.
هناك مغتربون ظلوا طوال أعمارهم ينتظرون العودة مثل جيل النكبة الأولى في «فلسطين المحتلة» الذين انتقلوا الى الدار الآخرة وهم على موعد في نفوسهم كامن في قلوبهم بأنهم عائدون.
أكثر من جيل عربي رأى وشاهد «اللاجئين الفلسطينيين في كل مكان» وهم على موعد العودة للوطن ولم يعودوا.
وهناك جيل «سوري وعراقي ويمني وليبي» في انتظار العودة للوطن.
أتدرون ما شعارهم؟.. لا تؤجلوا «متعة» الغربة الى الوطن!
قمة الابتلاءات الغربة ثم الغربة ثم الغربة!!
يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «الفقر في الوطن غربة والغنى في الغربة وطن»!
٭ زبدة الحچي: الشتات «مفردة صعبة» لمن يعيها جيدا، فهي تخص كل من اضطر الى ان يتواجد خارج وطن لأسباب كثيرة وهم في حالة «عصف ذهني مستمر» متى العودة؟
هناك مسميات كثيرة لشعوب عانت من الشتات:
ـ الفلسطينيون
ـ اليهود
ـ الأرمن
ـ الشركس
ـ الافغان
ـ الشيشان
ـ الاريتريون
ـ الأكراد
ـ الروهنغيون ( مسلمو بورما)
ـ الغجر
ـ السوريون
لقد استخدم الإغريق (أهل اليونان) هذا المسمى في لغتهم، كما ان العهد القديم ذكر اليهود الذين سباهم نبوخذ نصر.
الشتات اليوم كيانات سياسية (دولية) تعمل نيابة عن «الشعب بالكامل» وتملك القدرة على العمل منفردة في خضم الصراعات الإثنية، وصارت كل المجموعات تعرف نفسها اعتمادا على الهوية من الوطن الأصلي في الحالات المعاصرة.
أمر محتوم اليوم وهو وجود هذه المجاميع العرقية في النظام الدولي وبعضهم صار له تعظيم وشأن سلطوي سياسي ضاغط في الساحة السياسية، وفي الأمور التي تخص الشتات، وبدعم من الجمعيات الحقوقية والمنظمات الدولية
قالوا: «اذا تساهل شعب.. مشى اليه الشتات»!
وقالوا:
تركنا قومنا من حرب عام
ألا يا قوم للأمر الشتات
وقالوا:
فكل جماعة لابد يوما
يفرق بينها شعث الشتات
وقالوا:
فإن الموت أيسر من حياة
منغصة لها طعم الشتات
أيها القراء الكرام في كل مكان: ظهر اليوم مسمى جديد للشتات بديلا وهو «المنفى»!
قارئي الحبيب: انظر عنواني واتعظ، واحمد الله عز وجل على النعمة التي أنت فيها!
لجوء «الغربة» شتات.. آه.. مفردات صعبة صنعت بيد الإنسان ضد أخيه الإنسان للأسف؟
وأحتفظ بحقي الأدبي، حيث أنني جمعت المفردات الثلاث في سطر واحد هو: «لجوء الغربة شتات»
وهذا يعني صراحة انه احيانا الغربة والشتات واللجوء «أفضل كثيرا» من وطن طارد!
فما أعظم نكبة «اللجوء والغربة والشتات» في الوطن العربي!
في أمان الله.